للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ: كان بالكوفة، ثم خرج إلى البصرة، ثم خرج منها (١) (ع) تقدم في "الإيمان" ٤٣/ ٢٨٦.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، سوى شيخه، فحَدثانيّ، وفيه رواية الابن عن أبيه، وتابعيّ عن تابعيّ، وهو من رواية الأقران.

شرح الحديث:

(عَنْ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَ: "أَنَّ رَجُلًا) لا يُعرف (٢)، وَيحتَمِل أن يكون من هذه الأمة، أو من غيرهم. (قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ) قاله استكثارًا لذنبه، أو استكبارًا، أو تعظيمًا لنفسه، حين جنى عليه، كما يصدر عن بعض الجهلة (٣).

وقد بيّن في "شُعَب الإيمان" للبيهقيّ سبب قول الرجل هذا الكلام، ولفظه: "عن جندب قال: وَطِئ رجلٌ على عُنُق رجل، وهو يصلي، فقال الرجل: والله لا يغفر الله لك هذا أبدًا. . ." الحديث (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قول المتألّي: "والله لا يغفر الله لفلان" ظاهر في أنه قطع بأن الله تعالى لا يغفر لذلك الرجل، وكأنه حَكَم على الله تعالى، وحَجَر عليه، وهذه نتيجة الجهل بالأحكام الإلهية، والادلال على الله تعالى بما اعتقد أن له عنده من الكرامة، والحظ، والمكانة، وكذلك المذنب من الخسّة والإهانة، فإن كان هذا المتألي مستحلّ لهذه الأمور، فهو كافر، فيكون إحباط عمله لأجل الكفر، كما يُحبط عمل الكفار، وأما إن لم يكن مستحلّ لذلك، وإنما غَلَب عليه الخوف، فحكم بإنفاذ الوعيد فليس بكافر، ولكنه مرتكب كبيرة، فإنَّه قانط من رحمة الله، فيكون إحباط عمله بمعنى: أن ما أوجبتْ له هذه الكبيرة من الإثم يربو على أجر أعماله الصالحة، فكأنه لم يبق له عملٌ صالح. انتهى (٥).


(١) "التاريخ الكبير" ١/ ٢/ ٢٢١.
(٢) "تنبيه المعلم" ص ٤٣٤.
(٣) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٨/ ١٧٨.
(٤) "شعب الإيمان" للبيهقيّ ٥/ ٢٨٩.
(٥) "المفهم" ٦/ ٦٠٧.