للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُنَشِّطك لتقديم ما قدَّموا، ويُثَبِّطك عن الطمع الفارغ، والرجاء الكاذب، ويُعَلِّمك أن الزينة إنما هي بلباس التقوى (١).

[حكاية]: ذكر المناويّ في "فيض القدير" حكاية غريبة، ذكرتُها للاعتبار، وهي أن بعضهم كان مجاب الدعوة، وكان كل من دعا عليه مات لوقته، وأراد جِماع زوجته، فقالت: الأولاد متيقظون، فقال: أماتهم الله، فكانوا سبعة، فماتوا كلهم، فصَلَّوا عليهم بُكرة النهار، فبلغ البرهان المتولي، فأحضره، وقال: أماتك الله، فمات، وقال: لو بقي لأمات خلقًا كثيرًا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: إنما ذكرت هذه الحكاية؛ لئلا يغترّ بها الجهلة، وذلك أن الكرامة بإجابة الدعوة من جملة نِعم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، لا يجوز صرفها إلا فيما فيه نَفْع للإسلام والمسلمين، ولنفس صاحب الكرامة، كما أن قوى البدن نعمة من النعم لا يجوز صرفها فيما يضرّ بالمسلمين، فلا تضرب بيدك أحدًا لقوّتك إلا إذا استحقّ ذلك، كالقصاص، أو الحد، أو التعزير، ولا تسعَ في مضرّة أي مسلم بقوّتك، وإلا كنت آثمًا معاقَبًا عند الله تعالى، كذلك إذا أكرمك الله -عَزَّ وَجَلَّ- باستجابة دعائك، لا تصرف ذلك إلا في الأمور النافعة للمسلمين، فإن أبيت، وعاندت، واستعملت ذلك في مضرّة أحد من المسلمين، فإن الله تعالى سيعاقبك، ويأخذك أخذ عزيز مقتدر، كما يأخذك في استعمال قوّة يدك، ومالك، وأولادك، وعبيدك، وخَدَمك في مضرّة المسلمين، لا فرق بين هذا، وهذا، فينبغي التنبّه لهذه الحقائق، فإن بعض الجهلة من العبّاد الزهاد إذا رأوا أن الله تعالى استجاب دعاءهم، بغوا، وطغوا، وأفسدوا في الأرض، وظلموا عباد الله تعالى، فإياك، ثم إياك أن تكون منهم، فتهلك مهلكهم، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "فيض القدير" ٤/ ١٤ - ١٥.
(٢) "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناويّ ٤/ ١٥.