للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره، من هدية وغيرها، فيتشوَّف لها، بخلاف الأبعد، وأن الأقرب أسرع إجابة لِمَا يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة، وقال ابن أبي جمرة: الإهداء إلى الأقرب مندوب؛ لأن الهدية في الأصل ليست واجبةً، فلا يكون الترتيب فيها واجبًا، ويؤخذ من الحديث أن الأخذ في العمل بما هو أعلى أَولى، وفيه تقديم العلم على العمل.

واختُلف في حدّ الجوار، فجاء عن عليّ - رضي الله عنه -: من سمع النداء فهو جار، وقيل: من صلى معك صلاة الصبح في المسجد، فهو جار، وعن عائشة: حدّ الجوار أربعون دارًا من كل جانب، وعن الأوزاعيّ مثله، وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" مثله عن الحسن، وللطبرانيّ بسند ضعيف، عن كعب بن مالك، مرفوعًا: "ألا إن أربعين دارًا جار"، وأخرج ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب: أربعون دارًا عن يمينه، وعن يساره، ومن خلفه، ومن بين يديه، وهذا يَحْتَمِل كالأُولى، ويَحْتَمِل أن يريد التوزيع، فيكون من كل جانب عشرةً. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن من صلى الصلوات معك دائمًا، ولا سيّما صلاة الصبح هو جار لك؛ لأن هذا يدلّ على قربه من دارك، ويرى كل ما يدخل في بيتك، أو بعضه، ولو صحّ حديث: "أربعون دارًا جارٌ" لكان نصًّا في التحديد، لكنه ضعيف (٢)، فلا يصلح للاحتجاج به، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٦٦٣] (. . .) - (حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِهِ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو ابن محمد بن بُكير البغداديّ، تقدّم قريبًا.


(١) "الفتح" ١٣/ ٥٦٨، كتاب "الأدب" رقم (٦٠٢٠).
(٢) راجع: "إرواء الغليل" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- ٦/ ١٠٠.