للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقال: تَعَاهَدْتُهُ؛ لأن التفاعل لا يكون إلا من اثنين، وقال الفارابيّ: تَعَهَّدْتُهُ أفصح من تَعَاهَدْتُهُ. انتهى (١).

والمعنى هنا: تفقّد (جِيرَانَكَ") وجدّد عهدك بالإهداء إليهم، والجيران بكسر الجيم: جمع جار، وهو المجاور؛ يعني: تفقَّدْهم بزيادة طعامك، وتجديد عَهْدك بذلك، لتحفظ به حقّ الجوار، قال ابن الملك: إنما أمَره بإكثار الماء في مرقة الطعام حرصًا على إيصال نصيب منه إلى الجار، وإن لم يكن لذيذًا (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٦٦٦٥ و ٦٦٦٦] (. . .)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (١١٣ و ١١٤)، و (الترمذيّ) في "الأطعمة" (١٨٣٣)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٦٦٩٠)، و (ابن ماجه) في "الأطعمة" (٣٤٠٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ١٤٩ و ١٥٦ و ١٦١ و ١٧١)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١/ ٧٦)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ١٤٧)، و (ابن منده) في "الفوائد" (١/ ٧٨)، و (الخطيب) في "تاريخ بغداد" (٢/ ١٤٦)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان" (٧/ ٧٧)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): الحضّ على تكثير المرقة، ليواسي بها جيرانه، قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وفيه نَدْب إكثار مرق الطعام؛ لِقَصْد التوسعة على الجيران، والفقراء، وأن المرق فيه قُوّة اللحم، فإنه يسمى أحد اللحمين؛ لأنه يَخرُجُ خاصية اللحم فيه بالغليان. انتهى.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك" هذا الأمر على جهة الندب، والحضّ على مكارم الأخلاق، والإرشاد إلى محاسنها؛ لِمَا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٣٥.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٣٧١.