للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحافظ: لا نعلم له سماعًا من عائشة، وقال أبو الفضل الحافظ حفيد أبي سعد الزاهد في كلامه على هذا الحديث: هذا عندنا حديث مرسلٌ، واستدَلّ بما ذكرناه من قول أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، ولم يُخرج البخاريّ لعراك عن عائشة شيئًا، وأخرج له ابن ماجه عنها حديثين، وحديثه عن رجل عنها لا يدلّ على عدم سماعه بالكلية منها، لا سيّما، وقد جمعهما بلد واحد، وعصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم، حتى يقوم الدليل على خلافه، كما نصّ عليه في مقدمة كتابه، فسماع عراك من عائشة - رضي الله عنها - جائز ممكن، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم -، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: كلام الحافظ العطّار هذا قد تقدّم في مقدّمة شرح المقدّمة، وإنما أعدته؛ لطول العهد به.

وخلاصة الجواب عن مسلم: أن هذا الإسناد جارٍ على قاعدته المعروفة، وهي أنه إذا كان الراويان في عصر واحد، وأمكن لقاء أحدهما للآخر دون مانع حُملت عنعنته على السَّماع، إلا أن يتبيّن خلاف ذلك، قال الزيلعيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "نصب الراية": وقد ذكروا سماع عراك من أبي هريرة، ولم يُنكروه، وأبو هريرة تُوُفّي هو وعائشة في سنة واحدة، فلا يَبْعُد سماعه من عائشة، مع كونهما في بلدة واحدة، ولعل هذا هو الذي أوجب لمسلم أن أخرج في "صحيحه" هذا الحديث. انتهى (٢).

والحاصل: أن هذا الحديث قد تحقّق فيه شرط مسلم، فسماع عراك من عائشة - رضي الله عنها - جائز ممكن، فيُحمل عليه.

وقد أخرج الحديث ابن ماجه بسند آخر صحيح، فقال في "سننه":

(٣٦٦٨) - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، عن مسعر، أخبرني سعد بن إبراهيم، عن الحسن، عن صعصعة، عَمِّ الأحنف، قال: دخلت على عائشة امرأة، معها ابنتان لها، فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ثم صَدَعَت الباقية بينهما، قالت: فأتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فحدَّثَته،


(١) "غرر الفوائد" ١/ ٢٥٥ - ٢٥٧.
(٢) "نصب الراية" ٢/ ١٠٧.