للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فـ "أنفسُنا" مرفوع على الفاعليّة. (عَنْ مَوْتَانَا) متعلّق بـ "تطيّب"، (قَالَ) أبو حسّان: (قَالَ) أبو هريرة -رضي الله عنه-: (نَعَمْ) أحدّثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ("صِغَارُهُمْ)؛ أي: صغار أولاد المسلمين (دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ") هو بالدال والعين والصاد المهملات، واحدهم دُعْمُوص، بضم الدال؛ أي: صغار أهلها، وأصل الدّعموص: دُوَيِّبَة تكون في الماء، لا تفارقه؛ أي: إن هذا الصغير في الجنة لا يفارقها، قاله النوويّ رحمه الله (١).

وقال المناويّ رحمه الله: قوله: "دعاميص الجنة"؛ أي: صغار أهلها، وهو بفتح الدال: جمع دُعموص بضمها: الصغير، وأصله دُويّبة صغيرة، يَضْرِب لونها إلى سواد، تكون في الغدران، لا تفارقها، شَبَّهَ الطفلَ بها في الجنة؛ لِصِغره، وسرعة حركته، وكثرة دخوله وخروجه، وقيل: هي سمكة صغيرة، كثيرة الاضطراب في الماء، فاستعيرت هنا للطفل؛ يعني: هم سَيّاحون في الجنة، دَخّالون في منازلها، لا يُمنعون، كما لا يُمنع صبيان الدنيا الدخولَ على الْحُرَم، وقيل: الدُّعموص: اسم للرجل الزّوّار للملوك، الكثير الدخول عليهم والخروج، ولا يَتوقف على إذن، ولا يبالي أين يذهب من ديارهم، شُبّه طفل الجنة به؛ لكثرة ذهابه في الجنة، حيث شاء، لا يُمنع من أي مكان منها. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "دعاميص الجنة" هي جمع دُعموص، وهو دويّبةٌ تغوص في الماء، والجَمْع دَعاميص، ودَعَامص، قال الأعشى:

فَمَا ذَنْبُنَا إِنْ جَاشَ بَحْرُ ابْنِ عَمِّكُمْ … وَبَحْرُكَ سَاجٍ لَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا

ودُعَيميص الرمل: اسم رجل كان داهيًا، يُضرَب به المثل، يقال: هو دُعيميص هذا الأمر؛ أي: عالم به.

قلت (٣): هذا الذي وجدته في كتب اللغة، وأصحاب الغريب أن الدُّعموص دويبةٌ، تغوص في الماء، ولا يليق هذا المعنى بالدعاميص المذكور في هذا الحديث، إلا على معنى تشبيه صغار الجنة بتلك الدُّويبة في صغرها،


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٨٢.
(٢) "فيض القدير على الجامع الصغير" ٤/ ١٩٤.
(٣) القائل هو القرطبيّ رحمه الله.