للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): إثبات صفة محبّة الله تعالى عبده على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تأويل ولا تعطيل.

٢ - (ومنها): أن إعلام الله تعالى جبريل عليه السَّلام، وإعلام جبريل الملائكة عليهم السَّلام بمحبة العبد المذكور تنويه به، وتشريف له في ذلك الملأ الكريم، وليحصل من المنزلة المنيفة على الحظ للعبد العظيم، وهذا من نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - حكاية عن الله تعالى حيث قال: "أنا مع عبدي إذا ذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" (١).

٣ - (ومنها): بيان أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله تعالى، ويؤيده ما تقدّم في "الجنائز": "أنتم شهداء الله في الأرض".

قال في "الفتح": والمراد بمحبة الله: إرادة الخير للعبد، وحصول الثواب له.

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن تفسير المحبّة بإرادة الخير تفسير باللازم، والحقّ أن صفة المحبّة تعالى على ظاهرها ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلال الله تعالى، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال: ومحبة الملائكة استغفارهم له، وإرادتهم خير الدارين له، ومَيْل قلوبهم إليه؛ لكونه مطيعًا لله، محبًّا له، ومحبة العباد له: اعتقادهم فيه الخير، وإرادتهم دَفْع الشر عنه، ما أمكن، وقد تُطلق محبة الله تعالى للشيء على إرادة إيجاده، وعلى إرادة تكميله، والمحبة التي في هذا الباب من القبيل الثاني، وحقيقة المحبة عند أهل المعرفة: من المعلومات التي لا تُحَدّ، وإنما يعرفها من قامت به وجدانًا، لا يمكن التعبير عنه.

والحب على ثلاثة أقسام: إلهيّ، ورُوحانيّ، وطبيعيّ، وحديث الباب يشتمل على هذه الأقسام الثلاثة، فحب الله العبد حب إلهيّ، وحب جبريل، والملائكة له حب رُوحانيّ، وحب العباد له حب طبيعيّ. انتهى (٢).


(١) "المفهم" ٦/ ٦٤٣.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٥٩٤ - ٥٩٥، كتاب "الأدب" رقم (٦٠٤٠).