أخرج له البخاريّ، والمصنّف، والترمذيّ، وله في هذا الكتاب ثلاثة أحاديث فقط، هذا الحديث (١٧٧)، وحديث (١٦٨٠): "القاتل والمقتول في النار … "، و (٥٩٣): "إن الله كَرِه لكم ثلاثًا: قيل، وقال … ".
والباقون تقدّموا قبله، و"عامرٌ" هو الشعبيّ.
وقَوْله:({ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}) أي ثم دنا جبريل؛ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتدلَّى: أي زاد في القرب، التدلّي هو النزول بقرب الشيء، فالترتيب على هذا طبيعيّ، وقيل: التدلّي هو الامتداد إلى جهة السفل، والكلام على التقديم والتأخير، قال النوويّ: قال الإمام أبو الحسن الواحديّ: معنى التدلّي: الامتداد إلى جهة السفل، هكذا هو الأصل، ثم استُعْمِل في القرب من العلوّ، هذا قول الفرّاء، وقال صاحب "النظم": هذا على التقديم والتأخير؛ لأن المعنى:"ثم تَدَلَّى، فدنا"، لأن التدلي سبب الدنوّ، قال ابن الأعرابيّ: تَدَلَّى: إذا قَرُب بعد علوّ، قال الكلبيّ: المعنى دنا جبريل من محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقرُب منه، وقال الحسن، وقتادة: ثم دنا جبريل بعد استوائه في الأُفق الأعلى من الأرض، فنزل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله:({فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى})"القاب": ما بين القَبْضَة، والسِّيَة، ولكل قَوْس قابان، والقاب في اللغة أيضًا: القدر، وهذا هو المراد بالآية عند جميع المفسرين، والمراد القوس التي يُرْمَى عنها، وهي القوس العرببة، وخُصّت بالذكر على عادتهم.
وذهب جماعة إلى أن المراد بالقوس الذراع، هذا قول عبد الله بن مسعود، وشقيق بن سَلَمة، وسعيد بن جبير، وأبي إسحاق السبيعي، وعلى هذا معنى القوس ما يُقاس به الشيء، أي يُذْرَع، قالت عائشة - رضي الله عنها -، وابن عباس، والحسن، وقتادة، وغيرهم: هذه المسافة كانت بين جبريل والنبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقول الله تعالى:{أَوْ أَدْنَى} معناه: أو أقرب، قال مقاتل: بل أقرب، وقال الزجاج: خاطب الله تعالى العباد على لغتهم، ومقدار فهمهم، والمعنى: أو أدنى فيما تُقَدِّرون أنتم، والله تعالى عالم بحقائق الأشياء من غير شَكّ،