للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النار، كما قال تعالى: "هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجَنَّة يعملون، وهؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون، فطوبى لمن قَضيت له بالخير، ويسّرته عليه، والويل لمن قضيت عليه بالشر، ويسّرته له"، وما أحسن قول من قال: قِسَمٌ قُسِمت، ونعوت أُجريت، كيف تُجتلب بحركات، أو تنال بسعايات؟! ومع ذلك فغَيَّب الله عنا المقادير، ومكّننا من الفعل والترك رفعًا للمعاذير، وخاطبنا بالأمر والنهي خطاب المستقلين، ولم يجعل التمسك بسابق القدر حجة للمقصرين، ولا عذرًا للمعتذرين، وعلّق الجزاء على الأعمال، وجعلها له سببًا، فقال تعالى: {وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الجاثية: ٢٢]، وبـ {مَا عَمِلَتْ} [آل عمران: ٣٠]، وقال في أهل الجنّة: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧]، وقال في أهل النار: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت: ٢٨]، وقال: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: ٣١]، وقال على لسان نبيّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم، ثم أوفّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله تبارك وتعالي، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه"، رواه مسلم، وكلّ ذلك ابتلاء من الله تعالى، وامتحان، فيجب التسليم له، والإذعان، أفاده القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٧١٧] (٢٦٥١) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي: ابْنَ مُحَمَّدٍ- عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ (٢) بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) تقدّم قبل باب.


(١) "المفهم" ٦/ ٦٦٣ - ٦٦٤.
(٢) وفي نسخة: "ثم يختم عمله" في الموضعين.