١ - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه، فما أخرج له الترمذيّ، وعبد الله بن شقيق، فما أخرج له البخاريّ في "الصحيح".
٣ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: قتادة، عن عبد الله بن شَقِيق، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ) الْعُقَيليّ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) الْغِفَاريّ - رضي الله عنه -، وفي الرواية التالية أنه قال: قلت لأبي ذرّ: لو رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألته، فقال: عن أيّ شيء كنت تسأله؟ قال: كنت أساله: هل رأيتَ ربّك؟ … (قَالَ) أبو ذرّ - رضي الله عنه - (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نُورٌ) خبر لمحذوف، أي هو نورٌ، فيه وصف الله تعالى بأنه نورٌ، وهو صفة من صفاته تعالى ثابت له بهذا الحديث وغيره، كما ثبتت له الصفات الأخرى على ما يليق بجلاله وعظمته، دون تشبيه ولا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى - (أَنَّى أَرَاهُ") أي كيف أراه؟، و"أَنَّى" - بفتح الهمزة، وتشديد النون، مقصورًا - قال الفيّوميّ: استفهام عن الجهة، تقول: أنّى يكون هذا؟ أي: من أي وجه وطريق؟. انتهى (١).
والاستفهام هنا إنكاريّ، بمعنى: النفي، ويحتمل أن يكون للتعجّب، والمعنى: حجابه النور، فكيف أراه؟ أي منعني النور من الرؤية.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: بتنوين "نُورٌ"، وبفتح الهمزة في "أَنَّى"، وتشديد النون وفتحها، و"أَرَاه" بفتح الهمزة، هكذا رواه جميعُ الرواة في جميع الأصول والروايات، ومعناه: حجابه نورٌ، قال المازريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الضمير عائد على الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، ومعناه: أن النور مَنَعَني من الرؤية، كما جَرَت العادة بإغشاء الأنوار الأبصارَ، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه.