للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والغيّ: ضدّ الرشد، وهو الانهماك في الشرّ، ويُطلق أيضًا على مجرد الخطأ، يقال: غَوَى، من باب ضرب؛ أي: أخطأ صواب ما أُمر به (١).

قال القاضي عياض: "أغويت الناس" قيل: يَحْتَمِل أنك سبب ذلك بإخراجهم من الجنة، فعرّضتهم لإغواء الشياطين، ويَحْتَمِل أنه لمّا غَوَى هو بمعصيته، كما قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١] وهم ذرّيّته سُمُّوا غاوين، والغيّ: الانهماك في الشرّ، وأما في شأن آدم -عَلَيْهِ السَّلام-، فقيل: معناه: جَهِلَ، وقيل: أخطأ، وقد جاء في الرواية الأخرى: "فنسي". انتهى (٢).

وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللهُ-: "أغويت الناس"؛ أي: خيّبتهم، يقال: غَوَى الرجلُ: خاب، وأغواه غيره، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}؛ أي: فسد عليه عيشه، قال: والغَوَّة، والغَيّة واحد، وقيل: غَوَى؛ أي: ترك النهي، وأكل من الشجرة، فعوقب بأن أُخرج من الجنة، وقال الليث: مصدر غَوَى الغَيّ، قال: والغَوَاية: الانهماك في الغيّ، ويقال: أغواه الله: إذا أضله، وقال تعالى: {فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (٣٢)} [الصافات: ٣٢]. انتهى (٣).

وقوله: (وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) المراد بالجنة التي أُخرج منها آدم -عليه الصلاة، والسلام- جنة الخلد التي هي دار الجزاء في الآخرة، وجنة الفردوس وغيرها التي هي دار البقاء، وهي كانت موجودة قبل آدم -عليه الصلاة والسلام- وهو مذهب أهل الحقّ (٤).

وقوله: (أَنْتَ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ) قال عياض: عامّ يراد به الخصوص؛ أي: مما علّمك، ويَحْتَمِل مما علمه البشر (٥).

وقوله: (وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِهِ)؛ أي: اختاره على أهل زمانه، وقوله: "برسالته" بالإفراد، وقُرئت الآية به، وبالجمع (٦).

وقوله: (فَتَلُومُنِي) بتقدير همزة الاستفهام، وفي الرواية الماضية: "أتلومني".


(١) راجع: "تحفة الأحوذيّ" ٦/ ٢٨٢.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ١٣٧.
(٣) "لسان العرب" ١٥/ ١٤٠ - ١٤١.
(٤) "عمدة القاري" ١٩/ ٦٠.
(٥) "شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ٤/ ٣٠٤.
(٦) "شرح الزرقانيّ" ٤/ ٣٠٤.