للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البغض أن كثرة المخاصمة تُفضي غالبًا إلى ما يُذمّ صاحبه، أو يخصّ في حقّ المسلمين بمن يُخاصم في باطل، ويشهد للأول حديث: "كفى بك إثمًا أن لا تزال مخاصمًا"، أخرجه الطبرانيّ، عن أبي أُمامة بسند ضعيف، وورد الترغيب في ترك المخاصمة، فعند أبي داود من طريق سليمان بن حبيب، عن أبي أُمامة - رضي الله عنه -، رفعه: "أنا زعيم ببيت في رَبَض الجنّة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا"، وله شاهد عند الطبرانيّ من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، و"الربض" -بفتح الراء، والموحّدة، بعدها ضاد معجمة: الأسفل. انتهى (١).

(إِلَى اللهِ الْألَدُّ الْخَصِمُ") بفتح الخاء المعجمة، وكسر الصاد المهملة: فسَّره البخاريّ: بأنه الدائم الخصومة.

وقال ابن المنيّر رحمه اللهُ: "الألدّ": مشتقّ من اللدد، وهو الاعوجاج والانحراف عن الحقّ، وأصله من اللديد، وهو جانب الوادي، ويُطلق على جانب الفم، ومنه "اللدود"، وهو صبّ الدواء منحرفًا عن وسط الفم إلى جانبه. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: "الألد الخصم" -هو بفتح الخاء، وكسر الصاد - و"الألدّ": شديد الخصومة، مأخوذ من لديدَي الوادي، وهما جانباه؛ لأنه كلما احتُجّ عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما "الخصم": فهو الحاذق بالخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حقّ، أو إثبات باطل. انتهى (٣).

وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه اللهُ: "الألد الخصم": الرواية "الْخَصْمُ" -بسكون الصاد- وقد قيّده بعضهم بكسرها، وكلاهما اسم للمخاصم، غير أن الذي بالسكون هو مصدر في الأصل، وُضع موضع الاسم، ولذلك يكون في المذكّر والمؤنّث، والتثنية، والجمع بلفظ واحد في الأكثر، ومن العرب من يُثنّيه، ويَجمعه؛ لأنه يَذهب به مذهب الاسم، وقد جاءت اللغتان في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا


(١) "الفتح" ١٧/ ١٨، كتاب "الأحكام" رقم (٧١٨٨).
(٢) "الفتح" ١٧/ ١٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢١٩.