للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فإن قلت]: تقدّم في نزول عيسى؛ في "كتاب الأنبياء" أنه يَفيض المال حتى لا يقبله أحد، وفي "كتاب الزكاة": "لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته، لا يجد من يقبلها".

[قلت]: كلاهما من أشراط الساعة، لكن كل منهما في زمان غير زمان الآخر. انتهى (١).

(وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ") ببناء الفعل للفاعل، (قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون في ذلك المجلس، ولم يسمَّ أحد منهم، (وَمَا الْهَرْجُ؟) وفي رواية البخاريّ: "قالوا: يا رسول الله أَيُّما هو؟ " بفتح الهمزة، وتشديد الياء الأخيرة، بعدها ميم خفيفة، وأصله؛ أي: شيء هو؟ قال في "الفتح": ووقعت للأكثر بغير ألف بعد الميم، وضَبَطه بعضهم بتخفيف الياء، كما قالوا: أَيْشٍ في موضع: أيّ شيء، وفي رواية الإسماعيليّ: "وما هو؟ وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة: "قالوا: يا رسول الله، وما الهرج؟ " وهذه رواية أكثر أصحاب الزهريّ، وفي رواية عنبسة بن خالد، عن يونس، عند أبي داود: "قيل: يا رسول الله أَيْشٍ هو؟ قال: القتل القتل وفي رواية للطبرانيّ عن ابن مسعود: "القتل، والكذب". انتهى (٢).

قال الصغانيّ: وأصل الهرج: الكثرة في الشيء، ومنه قولهم في الجماع: بات يهرجها ليلته جمعاء، ويقال للفرس: مَرَّ يهرج، وإنه لَمِهْرَج، ومهراج؛ إذا كان كثير الجري، وهَرَج القوم في الحديث: إذا أفاضوا فيه، فأكثروا، والهراجة: الجماعة يهرجون في الحديث، وقال في آخر الفصل والتركيب: يدلّ على اختلاط وتخليط، وقال ابن دُريد: الهرج: الفتنة في آخر الزمان، وقال القاضي: الفتن بعض الهرج، وأصل الهرج والتهارج: الاختلاط والقتال، ومنه قوله: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة ومنه: "يتهارجون تهارج الحمر قيل: معناه: يتخالطون رجالًا ونساء، ويتناكحون مُزاناةً، ويقال: هَرَجها يهرجْها: إذا نكحها، ويهرجها بفتح الراء، وضمّها، وكسرها، قاله في "العمدة" (٣).


(١) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٨٢ - ١٨٣.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٤٥١.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ٩٢.