في القرآن مشروطًا ببذل النفس والمال، فكيف يحصل بمجرد حِفظ ألفاظ تُعَدّ في أيسر مدّة؟.
قال الحافظ: وتُعُقّب بأن الشرط المذكور ليس مطَّردًا، ولا حَصْر فيه، بل قد تحصل الجنة بغير ذلك، كما ورد في كثير من الأعمال غير الجهاد أن فاعله يدخله الجنة، وأما دعوى أن حفظها يحصل في أيسر مدة، فإنما يَرِد على من حَمَل الحفظ والإحصاء على معنى أن يسردَها عن ظهر قلب، فأما من أوّله على بعض الوجوه المتقدمة، فإنه يكون في غاية المشقّة، ويمكن الجواب عن الأول بأن الفضل واسع، قاله في "الفتح"(١)، وهو تعقّب جيّد، والله تعالى أعلم.
وقوله: (وَفِي رِوَايَة ابْنِ أَبِي عُمَرَ: "مَنْ أَحْصَاهَا") بيّن به اختلاف شيوخه في لفظ الحديث، فرواه عمرو الناقد، وزهير بن حرب بلفظ:"من حفظها دخل الجنّة"، ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر بلفظ:"من أحصاها دخل الجنّة"، وسيأتي البحث في معنى الإحصاء مستوفي في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى -.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ٦٧٨٥ و ٦٧٨٦](٢٦٧٧)، و (البخاريّ) في "الشروط"(٢٧٣٦) و"الدعوات"(٦٤١٠) و"التوحيد"(٧٣٩٢)، و (الترمذيّ) في "الدعوات"(٣٥٠٧ و ٣٥٠٨)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٤/ ٣٩٣)، و (ابن ماجه) في "الدعاء"(٣٨٦١)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١٩٦٥٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٦٧ و ٤٢٧ و ٤٩٩ و ٥٠٣)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٣/ ٥) وفي "مسند الشاميين"(٤/ ٣٨٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٨٠٧ و ٨٠٨)، و (الحاكم) في "المستدرك"(١/ ١٧)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(٣/ ١٢٢)،
(١) "الفتح" ١٤/ ٤٧٦ - ٤٨٧، "كتاب الدعوات" رقم (٦٤١٠).