للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والنهي فيه محمول على الكراهة، أو على خلاف الأَولى؛ لِمَا يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل: إنه خاصّ بعمران؛ لأنه كان به الباسور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيّه، فلما اشتدّ عليه كواه، فلم ينجح.

وقال ابن قتيبة: الكيّ نوعان: كيّ الصحيح؛ لئلا يَعتلّ، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر، والقدر لا يدافَع، والثاني: كيّ الجرح إذا نَغَل؛ أي: فسد، والعِضو إذا قُطع، فهو الذي يُشرع التداوي به، فإن كان الكيّ لأمر مُحْتَمِل فهو خلاف الأَولى؛ لِمَا فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقّق.

وحاصل الجمع: أن الفعل يدلّ على الجواز، وعدم الفعل لا يدلّ على المنع، بل يدلّ على أن تَرْكه أرجح من فِعْله، وكذا الثناء على تاركه.

وأما النهي عنه، فإما على سبيل الاختيار والتنزيه، وإما عما لا يتعيَّن طريقًا إلى الشفاء، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله صنه: قد تبيّن مما سبق أن الأَولى عدم الكيّ، لكن لو استعمله يجوز، فبهذا تجتمع الأحاديث في هذا الباب، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): ذمّ إنفاق المال في البناء، إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة؛ لقول خبّاب - رضي الله عنه -: "إن المسلم ليؤجَر في كل شيء ينفقه، إلا في شيء يجعله في هذا التراب"، وهو وإن كان موقوفًا، إلا أنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قِبَل الرأي، وقد روي مرفوعًا صريحًا، أخرجه الطبراني من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد، وعمر كذّبه ابن معين (٢)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٧٩٤] (. . .) - (حَذَثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَوَكِيعٌ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثنا مُعْتَمِرٌ (ح) وَحَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِهَذَا الإسْنَادِ).


(١) "الفتح" ١٣/ ٩٠ - ٩١، "كتاب الطبّ" رقم (٥٧٠٤).
(٢) راجع: "الفتح" ١٣/ ٤٨.