بعض: قتادة، عن زُرارة، عن سعد، ورواية الآخرين من رواية الأقران، وفيه عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، وأفقه نساء الأمة - رضي الله عنها -.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين - رضي الله عنها -؛ أنها (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ الله لِقَاءَهُ") تقدم شرح هذه الجمل، قالت عائشة - رضي الله عنها -: (فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟) الهمزة للاستفهام، و"كراهية" خبر لمحذوف، بيّن في رواية النسائيّ، ولفظه:"كراهية لقاء الله كراهية الموت؟ "، وهو بتقدير أداة الاستفهام، وقولها:(فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ) ولفظ النسائيّ: "كلنا نكره الموت"، بلا فاء، والجملة مستأنفة بَيَّنت بها سبب الاستفهام؛ أي: إنما استفهمتُ عن معنى كراهية لقاء الله خوفًا من أن ندخل فيها، حيث إننا نكره الموت.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("لَيْس كَذَلِكِ)؛ أي: ليس معنى كراهية لقاء الله كراهية الموت، وفي رواية النسائيّ: "قال: ذاك عند موته" والإشارة إلى المذكور، من محبة لقاء الله تعالى، وكراهيته؛ يعني: أن كراهية لقاء الله تعالى ليس مطلقًا، بل هو في وقت معيّن، وذلك عند موته، ومعاينته ما أعدّ له، من عظيم الثواب، وأليم العقاب.
(وَلَكِنَّ) بتشديد النون، فقوله:(الْمُؤْمِنَ) منصوب على أنه اسم "لكن"، وَيَحْتمل أن يكون بتخفيف النون، و"المؤمن" مرفوع على الابتداء خبره: "أحب لقاء الله"، (إِذَا بُشِّر) بالبناء للمفعول؛ أي: إذا بشّرته الملائكة عند احتضاره (بِرَحْمَةِ الله، وَرِضْوَانِه، وَجَنَّتِه، أَحَبَّ لِقَاءَ الله، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ) وفي رواية البخاريّ: "بُشر برضوان الله وكرامته"، وفي حديث حميد، عن أنس: "ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من الله، وليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله، فأحبّ الله لقاءه"، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى: "ولكنه إذا حُضر فأما إن كان من المقرّبين، فرَوح وريحان وجنّة نعيم، فإذا بُشّر بذلك أحبّ لقاء الله، والفه للقائه أحبّ".