للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكيف يفاضله، وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد، ونحوه، والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب، فإن كان لاهيًا فلا.

واحتَجّ من رَجّح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل، ومن رجح ذكر اللسان قال: لأن العمل فيه أكثر، فإن زاد باستعمال اللسان اقتضى زيادة أجر.

قال القاضي: واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب؟ فقيل: تكتبه، ويجعل الله تعالى لهم علامة، يعرفونه بها، وقيل: لا يكتبونه؛ لأنه لا يَطّلع عليه غير الله.

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الصحيح أنهم يكتبونه، وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما صححه النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - هو الصحيح عندي؛ لأنه الذي تدلّ عليه ظواهر النصوص، فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في ذِكر بعض ما ورد في فضل الذكر:

(اعلم): أنه ورد في فضل الذكر أحاديث غير ما في الباب:

منها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني. . ." الحديث، متَّفقٌ عليه، وقد تقدّم قبل باب.

ومنها: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا، رفعه: "يعقد الشيطان. . ." الحديث، وفيه: "فإن قام، فذكر الله انحلت عقدة … ".

ومنها: ما يأتي لمسلم بعد بابين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى، إلا حفّتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة. . ." الحديث.

ومن حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - رفعه: "أحب الكلام إلى الله ما اصطفى لملائكته: سبحان ربي وبحمده. . ." الحديث.

ومن حديث معاوية - رضي الله عنه - رفعه: "أنه قال لجماعة جلسوا يذكرون الله تعالى: أتاني جبريل، فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة".


(١) "إكمال المعلم" ٨/ ١٨٩، و"شرح النوويّ" ١٧/ ١٥ - ١٦.