للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَدْعٌ عن اليأس والقنوط، وأن الذنوب وإن جَلَّت فإن عفوه أجلّ، وكرمه أعظم (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماء: هذا -أي: طلوع الشمس من مغربها- حدّ لقبول التوبة، وقد جاء في الحديث الصحيح أن للتوبة بابًا مفتوحًا، فلا تزال مقبولة حتى يُغلق، فإذا طلعت الشمس من مغربها أُغلق، وامتنعت التوبة على من لم يكن تاب قبل ذلك، وهو معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨] وللتوبة حدّ آخر، وهو أن يتوب قبل الغرغرة، كما جاء في الحديث الصحيح، وأما في حالة الغرغرة، وهي حالة النزع، فلا تُقبل توبته، ولا غيرها؛ لقول اللَّه تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} الآية [غافر: ٨٥]؛ لأن المعتبَر هو الإيمان بالغيب، ولا تنفّذ وصيّته، ولا غيرها. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٦٨٣٧] (٢٧٠٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٢٧٥ و ٤٢٧ و ٤٩٥ و ٥٠٦ و ٥٠٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٦٢٩)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (١٤٢٠٣ و ١٤٢٠٩ و ١٤٢١٠ و ١٤٢١٢ و ١٤٢١٩ و ١٤٢٢٠ و ١٤٢٢٥)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (١٢٩٩)، واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): الحثّ على المبادرة بالتوبة قبل فوات الأوان.

٢ - (ومنها): بيان وقت قبول التوبة، وهو ما قبل طلوع الشمس من مغربها.

٣ - (ومنها): بيان الوقت الذي لا تُقبل فيه التوبة، وهو ما بعد طلوعها.

٤ - (ومنها): بيان أن طلوع الشمس من مغربها إحدى علامات الساعة


(١) "فيض القدير" ٦/ ٩٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ٢٥.