للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكان العجّ المذكور في هذا الحديث هو العجّ بالتلبية، والثجّ المذكور فيه هو نحر البُدْن.

قال: فكان من شعائر الحج رفع الأصوات بالتلبية، وكان الحج بائنًا بذلك، كما بأن به في سوى التلبية من شعائر الحجّ، من حَلْق الرؤوس عند حِلّ المحرمين به، ومن اجتناب ما يجتنبونه فيه، من حَلْق الشعر، وقص الأظفار، ومما سوى ذلك، ولم يكن في رفع الأصوات بالتكبير المذكور في حديث أبي موسى هذان الوجهان اللذان ذكرناهما في هذين الأمرين، فانتفى أن يكون لأحدهما ما يوجب تضادّ الآخر منهما. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: خلاصة ما أشار إليه الطحاويّ: أنه قد يقال: إن بين حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه- هذا الذي أمر -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدم رفع الصوت بالذكر، وحديث أبي بكر -رضي اللَّه عنه- الذي فيه بيان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أفضل أعمال الحجّ رفع الصوت بالتلبية تعارضًا.

وخلاصة جوابه: أنه لا تعارض بينهما؛ لأنه إنما أمر برفع الصوت بالتلبية؛ لكونها من شعائر الحجّ، كسائر الأفعال التي يفعلها الحاج من حَلْق الرأس عند التحلل، ومن اجتناب محظورات الإحرام، فكلّها من شعائر الحج، فأمر بإظهارها، بخلاف مُطْلَق الذِّكر الذي دلّ عليه حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه-، فليس من الشعائر، فلا يُشرع فيه رفع الصوت؟ لعدم ما يستدعي ذلك، واللَّه تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٨٣٩] (. . .) - (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

وكلّهم ذُكروا في الباب وقبله، غير:

١ - (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هو ابن راهويه، فقد تقدّم قبل ثمانية أبواب.


(١) "شرح مشكل الآثار" ١٤/ ٤٩٨ - ٥٠١.