للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والاستعاذةِ من الأربع، وإليه جنح البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" حيث قال: "باب الدعاء قبل السلام"، ثم ذكر حديث أبي بكر -رضي اللَّه عنه- هذا.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الكلام على هذا الحديث: هذا يقتضي الأمر بهذا الدعاء في الصلاة من غير تعيين محلّه، ولعل الأَولى أن يكون في أحد موطنين، إما السجود، وإما بعد التشهد؛ لأنهما أُمِرَ فيهما بالدعاء، ولعله يترجح كونه فيما بعد التشهد بظهور العناية بتعليم دعاء مخصوص في هذا المحلّ.

ونازعه الفاكهانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فقال: الأَولى الجمع بينهما في المحلّين المذكورين؛ أي: السجود والتشهد.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: استدلال البخاريّ صحيح؛ لأن قوله: "في صلاتي" يعمّ جميعها، ومن مظانّه هذا الموطن.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويَحْتَمِل أن يكون سؤال أبي بكر -رضي اللَّه عنه- عن ذلك كان عند قوله لمّا علّمهم التشهّد: "ثم ليتخيّر من الدعاء ما شاء"، ومن ثم أعقب المصنف -يعني: البخاريّ- الترجمةَ بذلك -يعني: قوله: "باب ما يتخيّر من الدعاء بعد التشهد، وليس بواجب"-. انتهى.

وقال العينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر الحديث عموم جميع الصلاة، ولكن المراد: بعد التشهد الأخير قبل السلام؛ لأن لكلّ مقام من الصلاة ذِكرًا مخصوصًا، فتعيّن أن يكون مقامه بعد الفراغ من الكلّ، وهو آخر الصلاة، وبيانه أن للصلاة قيامًا، وركوعًا، وسجودًا، وقُعُودًا، فالقيام محلّ قراءة القرآن، والركوع والسجود لهما دعاءان مخصوصان، والقعود محلّ التشهد، فلم يبق للدعاء محلّ إلا بعد التشهد قبل السلام. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: يؤيّد هذا ما تقدم من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثم ليتخيّر من الدعاء ما شاء"، لكن الأَولى ما تقدم عن الفاكهانيّ، فينبغي الدعاء به في السجود أيضًا؛ لأنه محلّ الدعاء أيضًا؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بالاجتهاد في الدعاء فيه. واللَّه تعالى أعلم.

[فائدة]: المواضع التي صحّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يدعو فيها في الصلاة سبعة كما قال ابن القيم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "زاد المعاد"، ونظمها الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بقوله [من الطويل]: