الثلاثة، ثم كل واحدة من الثلاثة مستقلّة، فإن كل أمر يُكره يلاحظ فيه جهة المبدإ، وهو سوء القضاء، وجهة المعاد، وهو درك الشقاء؛ لأن شقاء الآخرة هو الشقاء الحقيقيّ، وجهة المعاش، وهو جهد البلاء، وأما شماتة الأعداء، فتقع لكل من وقع له كل من الخصال الثلاثة. انتهى ما في "الفتح"(١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٦/ ٦٨٥٣](٢٧٠٧)، و (البخاريّ) في "الدعوات"(٦٣٤٧) و"القدر"(٦٦١٦) وفي "الأدب المفرد"(٦٦٩ و ٧٣٠)، و (النسائيّ) في "المجتبى"(٥٤٩٣ و ٥٤٩٤) وفي "الكبرى"(٧٩٢٧ و ٧٩٢٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٤٦)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٩٧٢)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٠١٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٢/ ١٤)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(٧/ ٣١٦)، و (ابن أبي عاصم) في "السُّنَّة"(٣٨٣)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(١٣٦٠)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان استحباب الاستعاذة من سوء القضاء.
٢ - (ومنها): أن النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قال في "شرحه" ما معناه: إن فيه استحباب الدعاء، والاستعاذة من كل الأشياء المذكورة في هذا الحديث، وما في معناها، وهذا هو الصحيح الذي أجمع عليه العلماء، وأهل الفتوى في جميع الأعصار، والأمصار، وشذّت طائفة من الزهاد، وأهل العبادة إلى أن ترْك الدعاء أفضل؛ استسلامًا للقضاء، وقال آخرون منهم: إن دعا للمسلمين فحَسَن، وإن دعا لنفسه فالأَولى تركه، وقال آخرون منهم: إن وجد في نفسه باعثًا للدعاء استُحبّ، وإلا فلا.
(١) "الفتح" ١٤/ ٣٦٠ - ٣٦١، "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٤٧).