للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَدَغَتْنِي) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لَدَغَتْهُ العقرب بِالْغين المعجمة، لَدْغًا، من باب نفع: لَسَعته، ولَدَغَتْهُ الحية لَدْغًا: عَضّته، فهو لَدِيغٌ، والمرأة لَدِيغٌ أيضًا، والجمع: لَدْغى، مثلُ جَرِيح وجَرْحَى، ويتعدى بالهمزة إلى مفعول ثان، فيقال: أَلدَغْتُهُ العقربَ: إذا أرسلتها عليه، فَلَدَغَتْهُ، وقال الأزهريّ: اللَّدْغُ بالناب، وفي بعض اللغات: تَلْدَغُ العقرب، ويقال: اللَّدْغُةُ جامعة لكلّ هامّة تَلْدَغُ لَدْغًا. انتهى (١).

(الْبَارِحَةَ)؛ أي: الليلة الماضية، تقول العرب قبل الزوال: فعلنا الليلةَ كذا؛ لِقُربها من وقت الكلام، وتقول بعد الزوال: فعلنا البارحةَ (٢)، وهو منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "لدغتني". (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("أَمَا) بتحفيف الميم: أداة استفتاح وتنبيه، كـ "ألا". (لَوْ) شرطيّة جوابها "لم تضرّك(قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)؛ أي: من شرِّ خَلْقه، وهو ما يفعله المكلَّفون، من إثم، ومضارّة بعضِ لبعض، من نحو ظُلم، وبغي، وقتل، وضرب، وشتم، وغيرها من نحو لَدْغ، ونهش، وعض، وزاد ابن السنيّ: "ثلاثًا أي: لو قلت هذا التعوذ ثلاث مرات.

(لَمْ تَضُرُّكَ")؛ أي: العقرب، بأن يحال بينك وبين كمال تأثيرها بحسب كمال المتعوّذ، وقوّته، وضعفه؛ لأن الأدوية الإلهية تمنع من الداء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يضره (٣).

وفي "التمهيد" لابن عبد البرّ عن سعيد بن المسيِّب قال: بلغني أن من قال حين يمسي: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)} [الصافات: ٧٩] لم يلدغه عقرب. انتهى (٤).

[فائدة نحويّة مهمّة]: ذكر صاحب "البدر المكنون" أنه وصل رجل إلى إشبيلية يقصد قراءة الحديث على أبي بكر الحافظ، فلما قرأ عليه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لم تصفر الشمس"، وفي الحلقة جماعة من الطلبة، فيهم أبو بكر الشلوبين، فقال الشيخ: كيف تضبطون الراء من قوله: "ما لم تصفر الشمس"؟ فقالوا بأجمعهم: بالفتح، ما عدا أبا بكر، فإنه بقي ساكتًا.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٤٢.
(٣) "مرعاة المفاتيح" ٨/ ٣٧٣.
(٤) "عون المعبود" ١٠/ ٢٧٢.