للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان شدّة عناية النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأمته، وشفقته عليهم حيث يعلّمهم التجنب من المخاطر التي تلحق الإنسان، وهو غافل، فنبّه هنا بأن من الحذر أن يأخذ الإنسان إذا أتى إلى فراشه داخلة إزاره فينفض بها فراشه؛ خوفًا من أن يخلفه بعد مفارقته له شيء من المؤذيات؛ كالحيّة، والعقارب، ونحوهما من ذوات السموم، فيتفادى ذلك بذلك.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يستحبّ أن ينفُض فراشه قبل أن يدخل فيه؛ لئلا يكون فيه حية، أو عقرب، أو غيرهما من المؤذيات، ولينفض، ويده مستورة بطرف إزاره؛ لئلا يحصل في يده مكروه إن كان هناك. انتهى (١).

٢ - (ومنها): بيان بركة اسم اللَّه تعالى، فإذا فعل الإنسان ما ذُكر مع ذِكر اسم اللَّه تعالى وقاه اللَّه من جميع السوء.

٣ - (ومنها): استحباب النوم على الشقّ الأيمن، ثم القول: "سبحانك اللَّهُمَّ ربي بك وضعت جنبي. . . " إلخ.

٤ - (ومنها): ما قاله ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا الحديث أدبٌ عظيمٌ، وقد ذَكَر حكمته في الخبر، وهو خشية أن يأوي إلى فراشه بعض الهوامّ الضارّة، فتؤذيه.

وقال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا من الحذر، ومن النظر في أسباب دفع سوء القدر، أو هو من الحديث الآخر: "اعقِلْها، وتوكل".

٥ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يتضمّن الإرشاد إلى مصلحتين:

إحداهما: معلومة ظاهرة، وهي: أن الإنسان إذا قام عن فراشه لا يدري ما دبّ عليه بعده من الحيوانات، ذوات السموم، فينبغي له إذا أراد أن ينام عليه أن يتفقّده، ويمسحه؛ لإمكان أن يكون فيه شيء يخفى من رطوبة، أو غيرها، فهذه مصلحة ظاهرة، وأما اختصاص هذا النفض بداخلة الإزار فمصلحة لم تظهر لنا، بل إنما ظهرت تلك للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنور النبوة، وإنَّما الذي علينا نحن الامتثال.


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ٣٧ - ٣٨.