للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبحمده عدد خلقه، وسبحان اللَّه وبحمده رضا نفسه، وهلمّ جرّا.

[فإن قلت]: كيف صرّح في القرينة الأولى بالعدد، وفي الثالثة بالزِّنَة، وعزل الثانية والرابعة عنهما؟.

[قلت]: ليؤذِن بأنهما لا يدخلان في جنس المعدود، والموزون، ولا يحصرهما المقدار، لا حقيقةً، ولا مجازًا، فيحصل الترقّي حينئذ من عدد الخلق إلى رضا اللَّه، ومن زنة العرش إلى مداد الكلمات. انتهى (١).

(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ) بالبناء للمفعول، (بِمَا قُلْتِ)؛ أي: بجميع ما قلت من الذكر من أول النهار إلى هذا الوقت.

وقوله: (مُنْذُ الْيَوْمِ)؛ أي: في هذا اليوم.

[فائدة]: قال المجد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "القاموس": "مُنْذُ": بَسيطٌ، مَبْنيٌّ على الضم، و"مُذْ" محذوفٌ منه، مَبْنِيٌّ على السكونِ، وتُكسرُ مِيمُهُما، ويَليهما اسمٌ مجرورٌ، وحينئذ: حَرْفا جَرّ بمعنى "مِنْ" في الماضي، و"في" في الحاضِرِ، و"منْ وإلى" جميعًا في المَعْدودِ، كما رأيتُهُ مُنْذُ يومِ الخميسِ، واسمٌ مرفوعٌ: كمُنْذُ يومانِ، وحينئذ: مُبْتدآنِ، ما بعدَهما خَبرٌ، ومعناهُما: الأَمَدُ في الحاضِرِ، والمَعدودِ، وأوَّلُ المُدَّةِ في الماضِي، أو ظَرْفانِ مُخْبَرٌ بِهِما عَمَّا بعدَهما، ومعناهُما: بينَ وبينَ، كَلَقِيتُه مُنْذُ يومانِ؛ أي: بينِي وبينَ لقائِهِ يومانِ، وتَليهما الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، نحوُ:

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَداهُ إزارَهُ

أو الاسْمِيَّةُ:

وَمَا زِلْتُ أبْغِي المالَ مُذْ أنا يافِعُ

وحينئذٍ: ظَرْفانِ مُضافانِ إلى الجُمْلَةِ، أو إلى زمانٍ مُضافٍ إليها، وقيلَ: مُبْتَدَآنِ، وأصلُ مُذْ: مُنْذُ؛ لِرُجوعِهِم إلى ضم ذالِ مُذْ عندَ مُلاقاةِ الساكنينِ، كمُذُ اليومِ، ولولا أن الأَصلَ الضمُّ لكَسَرُوا، ولتَصْغِيرِهِم إيَّاهُ على مُنَيْذٍ، أو إذا كانتْ مُذْ اسمًا فأَصْلُها مُنْذُ، أو حَرْفًا فهي أصلٌ، ويقالُ: ما لقِيتُه مُنْذَ اليوم، ومُذَ اليومِ، بفتح ذالِهِما، أو أصْلُها "مِن" الجارَّةُ، و"ذُو" بمعنى الذي، أو "منْ


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٨٢٣.