للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب الماضي.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّه-، وأن نصفه الأول مسلسل بالبصريين، والثاني بالمدنيين، وفيه رواية الابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- وقد مضى القول فيه.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه-؛ (أَنَّ فَاطِمَةَ) بنت النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رضي اللَّه عنها، وقوله: (أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَسْأَلُهُ خَادِمًا) جملة حاليّة من الفاعل؛ أي: رقيقًا يقوم بخدمتها، وقوله: (وَشَكَتِ الْعَمَلَ) حال أيضًا بتقدير "قد" عند البصريين، وبدونها عند الكوفيين، والمعنى: أن مجيئها إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي اللَّه عنها لأجل الشكوى مما تلقاه من شدّة العمل. (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("مَا) نافية، (أَلْفَيْتِيهِ) هكذا بالفاء، والتحتانيّة بعد التاء، أصله: ألفيته بلا ياء، ثم أشبعت كسرة التاء، فتولّدت منها الياء؛ أي: ما وجدت ما تطلبينه (عِنْدَنَا" أي: من الخادم، قال في "المرعاة": هذا يُحْمَل على أن المراد: ما وجدته عندنا فاضلًا عن حاجتنا إليه؛ لِمَا ذُكر من إنفاق أثمان السبي على أهل الصفّة. انتهى (١).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّه-: قوله: "ما ألفيتيه عندنا"؛ أي: ما وجدت الخادم عندنا، ثم إنه أحالهما على التسبيح، والتهليل، والتكبير؛ ليكون ذلك عوضًا من الدعاء عند الكرب والحاجة، كما كانت عادته عند الكرب على ما يأتي في الحديث المذكور بعد هذا، ويمكن أن يكون من جهة أنه أحبّ لابنته ما يحبّ لنفسه، إذ كانت بضعة منه، من إيثار الفقر، وتحمّل شدّته، والصبر عليه؛ ترفيعًا لمنازلهم، وتعظيمًا لأجورهم، وبهذين المعنيين، أو أحدهما تكون تلك الأذكار خيرًا لهما من خادم؛ أي: من التصريح بسؤال خادم، واللَّه تعالى أعلم (٢).

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("ألَا) بالتخفيف أداة تحضيض، كما مرّ قريبًا. (أَدُلُّكِ عَلَى مَا


(١) "مرعاة المفاتيح" ٨/ ٢٦٩.
(٢) "المفهم" ٧/ ٥٥ - ٥٦.