للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إحداهما: كَرَم الْمُثْنَى عليه، فإنه إذا اكتفى بالثناء عن السؤال دلّ ذلك على سهولة البذل عليه، والمبالغة في كَرَم الحقّ.

وثانيهما: أن الْمُثنِيَ لَمّا آثر الثّناء الذي هو حقّ المثنَّى عليه على حقّ نفسه الذي هو حاجته بُودر إلى قضاء حاجته من غير إحراج إلى إظهار مذلّة السؤال مجازاةً له على ذلك الإيثار، واللَّه تعالى أعلم.

قال: ومما قد جاء منصوصًا عليه، وسُمّي دعاءً، وإن لم يكن فيه دعاء، ولا طلب ما أخرجه النسائيّ من حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استُجيب له". انتهى (١).

[فائدة]: قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: حدّثني أبو بكر الرازيّ، قال: كنت بأصبهان عند أبي نعيم، أكتب الحديث، وهناك شيخ يقال له: أبو بكر بن عليّ، عليه مدار الفتيا، فسُعي به عند السلطان، فسُجن، فرأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام، وجبريل عن يمينه، يحرك شفتيه بالتسبيح، لا يفتر، فقال لي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قل لأبي بكر بن عليّ يدعو بدعاء الكرب الذي في "صحيح البخاريّ" حتى يفرّج اللَّه عنه، قال: فأصبحت، فأخبرته، فدعا به، فلم يكن إلا قليلًا حتى أخرج. انتهى.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "كتاب الفرج بعد الشدة" له من طريق عبد الملك بن عمير، قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عثمان بن حيان. انظر الحسن بن الحسن، فاجلده مائة جلدة، وأوقفه للناس، قال: فبعث إليه، فجيء به، فقام إليه عليّ بن الحسين، فقال: يا ابن عمّ تكلم بكلمات الفرج، يفرّج اللَّه عنك، فذكر حديث عليّ باللفظ الثاني، فقالها، فرَفع إليه عثمان رأسه، فقال: أرى وجه رجل كُذب عليه، خَلُّوا سبيله، فسأكتب إلى أمير المؤمنين بعذره، فأُطلق.

وأخرج النسائيّ، والطبريّ من طريق الحسن بن الحسن بن عليّ، قال: لَمَّا زوج عبد اللَّه بن جعفر ابنته، قال لها: إن نزل بك أمر، فاستقبليه، بأن


(١) "المفهم" ٧/ ٥٦ - ٥٧.