للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روى بعضهم عن بعض، الجريريّ، عن الجسريّ، عن ابن الصامت، وأن صحابيّه من مشاهير الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ذو مناقب جمّة.

شرح الحديث:

(عَنْ) عبد اللَّه (ابْنِ الصَّامِتِ) الغِفاريّ، ابن أخي أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه-، (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جندب بن جُنادة الغفاريّ الصحابيّ الشهير -رضي اللَّه عنه-؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ أَيُّ الْكَلَامِ)؛ أي: من جملة الأذكار، (أَفْضَلُ؟ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- جوابًا لهذا السؤال: ("مَا) موصولة خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو الذي (اصْطَفَى اللَّهُ)؛ أي: اختاره من الذِّكر (لِمَلَائِكَتِهِ) -عليهم السلام-، وأمَرهم بالدوام عليه، ومواظبته لغاية فضله، فليس في هذا الحديث ما يدلّ على حصره، فاندفع ما قيل: إنه يُعْلَم منه أن الملائكة يتكلمون بهذه الكلمة، لا غير، وقد ثبت منهم كلمات أُخَر من الأذكار، والتسبيحات، والدعوات، وليس هذا محل بَسْطها، قاله في "المرعاة" (١).

وقال في "المشارق": "اصطفاه أي: اختاره، واستخلصه، والطاء فيها مبدلة من تاء افتعل؛ لمجاورتها الطاء. انتهى (٢).

(أَوْ) للشكّ من الراوي، هل قال: لملائكته، أو قال: (لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ) معناه: تنزيه اللَّه عما لا يليق به، من كل نقص، فيلزم نفي الشريك، والصاحبة، والولد، وجميع الرذائل، ويُطلق التسبيح ويراد به جميع ألفاظ الذكر، ويُطلق ويراد به صلاة النافلة، و"سبحان" اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف، تقديره: سبّحت اللَّه سبحانًا، كسبّحت اللَّه تسبيحًا، ولا يُستعمل غالبًا إلا مضافًا، وهو مضاف إلى المفعول؛ أي: سبّحت اللَّه، ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل؛ أي: نزَّه اللَّهُ نفسه، والمشهور الأول (٣)، وقد مضى البحث فيه بأطول من هذا، وباللَّه التوفيق.

(وَبِحَمْدِهِ) قيل: الواو للحال، والتقدير: أسبّح اللَّه متلبسًا بحمدي له، من أجل توفيقه، وقيل: عاطفة، والتقدير: أسبّح اللَّه، وأتلبّس بحمده، ويَحْتَمِل أن


(١) "مرعاة المفاتيح" ٧/ ٩١٤.
(٢) "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" ٢/ ٨٠.
(٣) "الفتح" ١٤/ ٤٥٤.