للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بجلاله من غير تأويل، ولا تمثيل، ولا تعطيل. (بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ) متعلّق بـ "فرحًا"، (حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ) "حين" ظرف لـ "توبة"، (مِنْ أَحَدِكُمْ) متعلّق بـ "أشدّ"، (كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ) بالإضافة، وبالتنوين أيضًا، و"الفلاة": هي المفازة التي ليس فيها ما يؤكل، ولا يُشرب، وجمعها: فلًا، كحصاة وحصًى، وجمع الجمع: أفلاء، مثل سبب وأسباب (١). (فَانْفَلَتَتْ)؛ أي: نفرت، وفرّت الراحلة (مِنْهُ) وقوله: (وَعَلَيْهَا)؛ أي: على ظهر راحلته (طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "انفلتت"، والمراد: أنه يكون حُزنه على غاية الشدّة بذهاب راحلته، وخوف هلاك نفسه من عدم الزاد والماء. (فَأَيِسَ) بفتح الهمزة، وكسر التحتانيّة، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أَيسَ أَيَسًا، من باب تَعِبَ، وكسر المضارع لغةٌ، واسم الفاعل أَيِسٌ، على فَعِلٍ، وفاعل، وبعضهم يقول: هو مقلوبٌ من يَئسَ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ضبط الفيّومي أيس من باب تَعِب، وأما المجد فجعله من باب سمع، وعبارته: أَيِس منه، كسمع إياسًا: قَنِطَ. انتهى (٣).

(مِنْهَا)؛ أي: من حصول تلك الراحلة بعد طلبها، (فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ)؛ أي: نام، يقال: اضطجع، واضّجع، والأصل افتعل، لكن من العرب من يقلب التاء طاء، ويُظهرها عند الضاد، ومنهم من يقلب التاء ضادًا، ويُدغمها في الضاد؛ تغليبًا للحرف الأصليّ، وهو الضاد، ولا يقال: اطَّجَعَ بطاء مشدّدة؛ لأنّ الضاد لا تُدغم في الطاء، فإن الضاد أقوى منها، والحرف لا يدغم في أضعف منه، وما ورد شاذّ، لا يقاس عليه، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٤).

(فِي ظِلِّهَا)؛ أي: في ظلّ تلك الشجرة، وقوله: (قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ)؛ أي: من حصولها، ووصولها إليه، والجملة حاليهّ من الفاعل. (فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ)؛ أي: في هذا الحال، منكسر البال، وقد تقدّم البحث في "بينا" قبل حديث، فلا تغفل، وقوله: (إِذَا) هي الفجائيّة، وهي مضافة إلى جملة: (هُوَ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٨١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٣.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٧١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٣٥٨.