٤ - (عَطَاءُ) بن أبي رَبَاح أسلم المكيّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
و"أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-" ذُكر قبله.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير الصحابيّ، فمدنيّ، وعطاء، فمكيّ، وفيه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أحفظ من روى الحديث في عصره.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ أنه (قَالَ:"إِنَّ للَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ) قال في "المرعاة": المراد بالرحمة هنا: هي التي جعلها في عباده، وهي مخلوقة، وأما الرحمة التي هي صفة من صفاته فهى قائمة بذاته تعالى غير مخلوقة. وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رحمة اللَّه تعالى لا نهاية لها، فلم يُرِد بما ذكره تحديدًا، بل تصويرًا للتفاوت بين قِسط أهل الإيمان منها في الآخرة، وقسط كافة المربوبين في الدنيا. انتهى.
وقال في "اللمعات": لعل المراد: أنواعها الكلية التي تحت كل نوع منها أفراد غير متناهية، أو المراد ضَرْب المثل لبيان المقصود من قلة ما عند الناس، وكثرة ما عند اللَّه تقريبًا إلى فهم الناس، أو هو من قبيل قوله: "إن للَّه تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة" في أن الحصر باعتبار هذا الوصف فافهم (١).
(أَنْزَلَ مِنْهَا)؛ أي: من جملة المائة (رَحْمَةً وَاحِدَةً) وفي رواية: "وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة"، قال القاري: الإنزال تمثيل مشيرٌ إلى أنها ليست من الأمور الطبيعية، بل هي من الأمور السماوية، مقسومة بحسب قابلية المخلوقات. (بَيْنَ الْجِنِّ)؛ أي: بعضهم مع بعض، (وَالإِنْسِ) كذلك، (وَالْبَهَائِمِ)؛ أي: مع أولادها، (وَالْهَوَامِّ) بتشديد الميم: جمع هامّة، وهي كل ذات سم، وقد يقع على ما يَدِبّ من الحيوان، وإن لم يقتل، كالحشرات، كذا