٢ - (دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ) دينار القشيريّ مولاهم، أبو بكر، أو أبو محمد البصريّ، ثقةٌ متقنٌ [٥](ت ١٤٠) وقيل: قبلها (خ ت م ٤) تقدم في "الإيمان" ٢٧/ ٢٢١.
والباقون ذُكروا في الإسنادين السابقين، و"ابن نُمير" هو: محمد بن عبد اللَّه بن نُمير، و"أبو عثمان" هو النهديّ، عبد الرحمن بن ملّ.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم، وفيه سلمان -رضي اللَّه عنه- من مشاهير الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ومن المعمّرين، يقال: إنه عاش ثلاثمائة سنة، وقيل غير ذلك.
شرح الحديث:
(عَنْ سَلْمَانَ) الفارسيّ -رضي اللَّه عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)؛ أي: أظهر تقديرها يوم أظهر تقدير السماوات والأرض، وفيه بشرى للمؤمنين؛ لأنه إذا حصل من رحمة واحدة في دار الأكدار ما حصل من النعم الغزار، فما ظنك بباقيها في دار القرار؟ (مِائَةَ رَحْمَةٍ، كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)؛ أي: ملء ما بينهما، ومقصوده التعظيم والتكثير، وفي بعض النسخ: "طباق ما بين السماء إلى الأرض". (فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الأَرْضِ رَحْمَةً) قال القرطبيّ: هذا نصّ في أن الرحمة يراد بها متعلق الإرادة، وأنها راجعة إلى المنافع والنعم، (فَبِهَا تَعْطِفُ)؛ أي: تَحِنّ، وتَرِقّ، وتُشفق، وفي "الصحاح": عَطَف عليه، من باب ضرب: أشفق، وفي "المصباح": عَطَفت الناقة على ولدها عَطْفًا: حَنّت. (الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَما) من الآدميين، وكل ذي روح، (وَالْوَحْشُ، وَالطَّيْرُ)؛ أي: وغيرهما من كل نوع من أنواع ذوات الأرواح، ولعل تخصيص الوحش والطير؛ لشدة نفورها، واللَّه أعلم بمراد رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال القرطبيّ: وحكمة ذلك: تسخير القويّ للضعيف، والكبير للصغير، حتى يحفظ نوعه، وتتم مصلحته، وذلك تدبير اللطيف الخبير. (بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) "كان" هنا