للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث، وغيرة اللَّه تعالى أن يأتي المؤمن ما حرّمه اللَّه عليه؛ أي: أن غيرته مَنْعُه وتحريمه، ولمّا حرّم اللَّه الفواحش، وتواعد عليها وصفه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغيرة، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِن غَيْرته أن حرَّم الفواحش" (١).

وقال في "الفتح": وقيل: غيرة اللَّه كراهة إتيان الفواحش؛ أي: عدم رضاه بها، لا التقدير (٢)، وقيل: الغضب، لازم المغيرة، ولازم الغضب إرادة إيصال العقوبة. انتهى (٣).

وكتب الشيخ البرّاك تعليقًا على ما ذكره في "الفتح"، فقال: قوله: "وقيل: غيرة اللَّه كراهة إتيان الفواحش إلخ": لا ريب أن غيرة اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من الفعل تتضمّن كراهته له، والغضب على فاعله، وهذا يدلّ على قبح الفعل عنده -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ولذلك يحرّمه على عباده، يدلّ على ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، والغيرة، والكراهة، والغضب صفات ثابتة للَّه تعالى على ما يليق بجلاله، تأويلها بإرادة إيصال العقوبة هي طريقة الأشاعرة الذين لا يُثبتون إلا الصفات السبع، ومنها الإرادة، ومعنى ذلك: أنه لا يوصف عندهم بهذه الصفات على حقيقتها. انتهى كلام البرّاك -حفظه اللَّه تعالى- (٤).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: خلاصة القول في هذا المسألة: مسألة الصفات، كالغيرة؛ والمحبّة، والرضا، والغضب، والإتيان، والمجيء، والاستواء والنزول أننا نعتقد ثبوتها للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على ظواهرها، على ما يليق بجلاله، إثباتًا بلا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تأويل، واللَّه تعالى أعلم.

(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ)؛ أي: لأجل الغيرة (حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ") قال الإمام ابن جرير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن أهل التأويل اختلفوا في المراد بالفواحش، فمنهم من حملها


(١) "عمدة القاري" ١٨/ ٢٢٨، "تحفة الأحوذيّ" ٩/ ٣٥٧.
(٢) هكذا وقع في "الفتح" بلفظ: "التقدير"، وقال الشيخ البرّاك: الظاهر أن هذه اللفظة مصحّفة من "التغيير"؛ لأنه المناسب لمادّة المغيرة. انتهى.
(٣) "الفتح" ١٧/ ٣٥٢.
(٤) من هامش "الفتح" ١٧/ ٣٥٢ "كتاب التوحيد" رقم (٧٤٠٣).