للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقيان ذُكرا قبله.

وقوله: (وَزَادَ فِيهِ) فاعل "زاد" ضمير ابن أبي عديّ.

وقوله: (فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي. . . إلخ) معناه: أن اللَّه تعالى أمر الأرض التي خرج منها أن تتباعد عن الرجل، وأمر الأرض التي توجّه تائبًا إليها أن تتقرب إليه حتى تكون أقلّ مسافةً من تلك، فتأخذه ملائكة الرحمة.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما كان ذلك لَمّا حَكَم الحاكم بقياس الأرض، ويُفهم منه أن الرجل كان أقرب إلى الأرض التي خرج منها، فلو تَرك اللَّه الأرض على حالها لقبضته ملائكة العذاب، لكن غَمَرته الألطاف الإلهية، وسبقت له العناية الأزلية، فقرّبت البعيد، وألانت الحديد، ويستفاد منه أن الذنوب وإن عظمت، فعفو اللَّه أعظم منها، وأن من أُلهم صِدق التوبة، فقد سُلك به طريق اللطف، والقربة. انتهى (١).

[تنبيه]: رواية ابن أبي عديّ عن شعبة هذه ساقها البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه"، فقال:

(٣٢٨٣) - حدّثنا محمد بن بشّار، حدّثنا محمد بن أبي عديّ، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الصّدِّيق الناجيّ، عن أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كان في بني إسرائيل رجل، قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأَتَى راهبًا، فسأله، فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت، فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، فأوحى اللَّه إلى هذه أن تقرَّبي، وأوحى اللَّه إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوُجد إلى هذه أقرب بشبر، فغُفِر له". انتهى (٢).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٩٨٥] (٢٧٦٧) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) "المفهم" ٧/ ٩٣.
(٢) "صحيح البخاريّ" ٣/ ١٢٨٠.