للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضًا؛ أي: من قول أهل الإفك، (وَ) الحال أني (مَا) نافيهَ، (عَلِمْتُ بِهِ)؛ أي: بالذي ذُكر، وقولها: (قَامَ) جواب "لَمّا"، (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) حال كونه (خَطِيبًا)، ثمّ فسّرت خطبته بقولها: (فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللَّهَ) -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ) من أوصاف الكمال، (ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ) هكذا هذه الرواية بحذف الفاء من جواب "أمّا"، وهو جائز كثير إذا حُذف مع القول، وإن كان دونه كان قليلًا، كما قال في "الخلاصة":

"أَمَّا" كَـ "مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيْءٍ" وَفَا … لِتِلْوِ تِلْهَا وُجُوبًا أُلِفَا

وَحَذْفُ ذِي الْفَا قَلَّ فِي نَثْرٍ إِذَا … لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبِذَا

وقولها: (فِي أُنَاسٍ) تقدّم قريبًا أنه بضمّ الهمزة لغة في ناس، وقيل: بل لغتان بمعنى واحد، وليس أحدهما مشتقًّا من الآخر، وهذا القول هو الراجح (١). (أَبَنُوا أَهْلِي) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: بباء موحّدة مفتوحة، مخففة، ومشددة، رووه هنا بالوجهين: التخفيف أشهر، ومعناه: اتّهموها، والأَبْنُ بفتح الهمزة، يقال: أبنه يَابُنُه، ويَأبِنُهُ، بضم الباء، وكسرها، من بابي نصر، وضرب: إذا اتّهمه، ورماه بخَلَّة سوء، فهو مأبون، قالوا: وهو مشتقّ من الأُبَن، بضم الهمزة، وفتح الباء، وهي الْعُقَد في القسيّ، تُفسدها، وتُعاب بها. انتهى (٢).

(وَايْمُ اللَّهِ) مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا، كما قال في "الخلاصة":

. . . . . . . . . . . . … وَفِي نَصِّ يَمِينٍ ذَا اسْتَقَرّ

أي: قَسَمي، (مَا) نافية، (عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ) "من" زائدة للتوكيد؛ أي: سوءًا (قَطُّ)؛ أي: فيما مضى من الوقت، (وَأَبْنُوهُمْ)؛ أي: اتهموهم (بِمَنْ)؛ أي: بالذي، أو بشخص، وقوله: (واللَّه) معترضة بين الموصول وصلته، للتأكيد، (مَا) نافية أيضًا، (عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ) وهو صفوان بن الْمُعَطَّل -رضي اللَّه عنه-، (وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَ) الحال، (أَنَا حَاضِرٌ)؛ أي: موجود في البيت، (وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلّا غَابَ مَعِي") هذا كلّه غاية في نزاهة صفوان -رضي اللَّه عنه- عن الفواحش، وبُعده عن الرذائل القبيحة الشنيعة التي رموه بها.


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ١١٤ - ١١٥.