للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا رَأَيْتُمْ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَة، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ".

وقال النوويّ في "شرحه": قوله: "وزاد بعد قوله: بغير عمل عملوه، ولا قَدَم قَدَّموه" هذا مما قد يُسْأَل عنه، فيقال: لم يتقدم في الرواية الأولى ذكره القَدَمَ، وإنما تقدّم "ولا خير قدّموه"، وإذا كان كذلك، لم يكن لمسلم أن يقول: زاد بعد قوله: "ولا قَدَم"؛ إذ لم يَجْر للقَدَم ذكر.

وجوابه أنّ هذه الرواية التي فيها الزيادة وقع فيها: "ولا قَدَمٍ" بدل قوله في الأولى: "خير"، ووقع فيها الزيادة، فأراد مسلم - رَحِمَهُ اللهُ - بيان الزيادة، ولم يمكنه أن يقول: زاد بعد قوله: "ولا خير قدّموه "؛ إذ لم يَجْر له ذِكْرٌ في هذه الرواية، فقال: زاد بعد قوله: "ولا قَدَم قذَموه": أي زاد بعد قوله في روايته: "ولا قَدَمٍ قَدَّموه"، واعلم أيها المخاطب أن هذا لفظه في روايته، وأن زيادته بعد هذا، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو بحثٌ مفيدٌ.

و"الْقَدَم" هنا بفتح القاف والدال، ومعناه: الخير، كما في الرواية الأخرى، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقوله: (قال أبو سعيد: بلغني … إلخ)، هكذا في رواية المصنّف، وليست هذه الزيادة في رواية البخاريّ الآتية، وهي عند ابن منده في "كتاب الإيمان" أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه البخاريّ، ولكن قال: "قال سعيد بن أبي هلال (٢): بلغني أن الجسر … إلخ"، فجعل الكلام لسعيد بن أبي هلال، لا لأبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قوله: "بلغني … إلخ " يحتمل أن يكون مرفوعًا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لكن لم يذكر الواسطة إليه، ويحتمل أن يكون مما نُقل من أخبار أهل الكتاب، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٣٤.
(٢) وقع في النسخة: "سعيد بن أبي بلال" بالباء بدل الهاء، وهو تصحيف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.