للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحبنا لمّا هرب منهم، فألقوه، فحفروا له، وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه".

وقوله: "وقد لفظته الأرض أي: رمته من القبر إلى الخارج، ولَفَظَته بكسر الفاء، وبفتحها، وقال القزاز في "جامعه": كلّ ما طرحته من يدك فقد لَفَظْته، ولا يقال بكسر الفاء، وإنما يقال بالفتح. انتهى (١).

وقال المجد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لَفَظه، وبه، كضرب، وسَمِعَ: رماه. انتهى (٢).

وقال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مسنده":

(١٢٢٣٦) - حدّثنا يزيد بن هارون، أنا حميد، عن أنس، أن رجلًا كان يكتب للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد كان قرأ البقرة، وآل عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة، وآل عمران جَدّ فينا -يعني: عَظُم- فكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يملي عليه: غفورًا رحيمًا، فيكتب: عليمًا حكيمًا، فيقول له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: اكتب كذا وكذا، اكتب كيف شئت، ويملي عليه: عليمًا حكيمًا، فيقول: اكتب سميعًا بصيرًا، فيقول: اكتب اكتب كيف شئت، فارتدّ ذلك الرجل عن الإسلام، فلَحِق بالمشركين، وقال: أنا أعلمكم بمحمد، إن كنت لأكتب ما شئت، فمات ذلك الرجل، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الأرض لم تقبله وقال أنس: فحدّثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل، فوجده منبوذًا، فقال أبو طلحة: ما شأن هذا الرجل؟ قالوا: قد دفنّاه مرارًا، فلم تقبله الأرض. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

[تنبيه]: من الغريب أن صاحب "التكملة" (٤) قال: هذا الحديث لم يُخرجه أحد من الأئمة الستّة غير المصنّف، وتبعه على ذلك الشيخ الهرريّ، وليس كما قالا، فقد أخرجه البخاريّ في "صحيحه" في "كتاب المناقب" في "باب علامات النبوّة في الإسلام"، فقال:


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ١٥٠.
(٢) "القاموس" ص ١١٨٢.
(٣) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٣/ ١٢٠.
(٤) راجع شرحه ٦/ ١٠٧، و"شرح الهرريّ" ٢٥/ ٣٦٧.