والتبديل، فعاد ذلك إلى ضمّ بعضها إلى بعض وإبادتها، فهو تمثيل لصفة قبض هذه المخلوقات، وجَمْعها بعد بَسْطها، وتفرّقها دلالةً على المقبوض والمبسوط، لا على البسط والقبض، وقد يَحْتَمِل أن يكون إشارةً إلى الاستيعاب. انتهى.
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث كالتفسير لقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧]، والمقصود بيان عظمته تعالى، وحقارة الأفعال العظام التي تتحيّر فيها الأوهام بالإضافة إلى كمال قدرته، وهذا المقصود حاصلٌ بهذا الكلام، وإن لم يُعرف كيفيّة القبض، وحقيقة اليمين، فالبحث عنهما خارجٌ عن القدر المقصود إفهامه، فلا ينبغي. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: في الحديث إثبات صفة اليمين للَّه تعالى، وأنه تعالى يقبض بها السموات والأرض، فنؤمن به كما ورد على حقيقته، لا على المجاز، كما يزعم المؤوّلون، بل على ظاهره على مراد اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كما يليق بجلاله، واللَّه تعالى أعلم.
(ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ) قال البيهقي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الملك، والمالك: هو الخاصّ المُلكِ، ومعناه في حقّ اللَّه تعالى: القادر على الإيجاد، وهي صفة يستحقها لذاته. وقال الراغب: الملك المتصف بالأمر والنهي، وذلك يختص بالناطقين، ولهذا قال:{مَلِكِ النَّاسِ}[الناس: ٢]، ولم يقل: مَلِكُ الأشياء، قال: وأما قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤] فتقديره: المَلِك في يوم الدين؛ لقوله:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦]. انتهى.
وَيَحْتَمِل أن يكون خص الناس بالذكر في قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ (٢)}؛ لأن المخلوقات جمادٌ ونَامٍ، والنامي صامتٌ وناطقٌ، والناطق متكلم وغير متكلم، فأشرف الجميع المتكلم، وهم ثلاثة: الإنس والجن والملائكة، وكل مَنْ عداهم جائز دخوله تحت قبضتهم وتصرفهم، وإذا كان المراد بالناس في الآية المتكلم، فمَن مَلَكوه في مُلك مَن مَلَكهم، فكان في