للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجيبه أحد، فيردّ على نفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦]، وذلك بعد انقطاع ألفاظ خلقه بموتهم، أفهذا مخلوق؟ انتهى.

وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أن اللَّه يخلُق كلامًا، فيسمعه من شاء بأن الوقت الذي يقول فيه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} لا يبقى حينئذ مخلوق حيًّا، فيجيب نفسه، فيقول: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، فثبت أنه يتكلم بذلك، وكلامه صفة من صفات ذاته مخلوق.

وعن أحمد بن سَلَمة، عن إسحاق بن راهويه قال: صَحّ أن اللَّه يقول بعد فناء خلقه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، فلا يجيبه أحد، فيقول لنفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.

قال: ووجدت في كتاب عند أبي، عن هشام بن عبيد اللَّه الرازي قال: إذا مات الخلق، ولم يبق إلا اللَّه، وقال: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، فلا يجيبه أحدٌ، فيردّ على نفسه، فيقول: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، قال: فلا يشك أحدٌ أنّ هذا كلام اللَّه، وليس بوحي إلى أحد؛ لأنه لم تَبْقَ نفس فيها روح إلا وقد ذاقت الموت، واللَّه هو القائل، وهو المجيب لنفسه.

وفي حديث الصُّور الطويل: "فإذا لم يبق إلا اللَّه كان آخرًا كما كان أولًا، طَوَى السماء والأرض، ثم دحاها، ثم تلقفهما، ثم قال: أنا الجبار ثلاثًا، ثم قال: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} ثلاثًا، ثم قال لنفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (١).

وقال الإمام ابن جرير الطبري -رَحِمَهُ اللَّهُ- في قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: ١٦]؛ يعني: يقول اللَّه: {لِمَنِ الْمُلْكُ}، فترك ذِكر ذلك استغناءً لدلالة الكلام عليه، قال: وقوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار} ذكر أن الرب جل جلاله هو القائل ذلك مجيبًا لنفسه (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٧٠٢٥] (٢٧٨٨) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ،


(١) راجع: "الفتح" ١٣/ ٤٥٠.
(٢) راجع: "تفسير ابن جرير" ٢١/ ٣٦٦.