للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللهُ-: أراد بالمكروه ها هنا: الشرّ؛ لقوله: "وخلق النور يوم الأربعاء"، والنور خير، وإنما سُمّي الشر مكروهًا؛ لأنه ضد المحبوب. انتهى (١).

(وَخَلَقَ النُّورَ) النور بالراء، ولا ينافيه رواية "النون"؛ أي: الحوت؛ لأن كلاهما خُلق فيه، (يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ) يوم الأربعاء مثلث الباء، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ويوم الأربعاء ممدود، وهو بكسر الباء، ولا نظير له في المفردات، وإنما يأتي وزنه في الجمع، وبعض بني أسد يفتح الباء، والضمّ لغة قليلة فيه. انتهى (٢).

وقال النوويّ: الأربعاء بفتح الهمزة، وكسر الباء، وفتحها، وضمّها، ثلاث لغات، حكاهنّ صاحب "المحكم" وجمعه أربعاوات، وحكي أيضًا أرابيع. انتهى (٣).

وقال القاري رحمه الله: "وخلق النور" بالراء، وفي نسخة بالنون في آخره، قال الأكمل: هو بالراء كما لمسلم، ولغيره بالنون، وهو الحوت، ويجوز خلقهما في الأربعاء، والنور هو الظاهر بنفسه، المظهر لغيره. انتهى، والظاهر أن المراد بالنور: هو نفسه، وما فيه ظهوره، فيناسب قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)} [فصلت: ١١، ١٢] (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "والنور يوم الأربعاء" كذا الرواية الصحيحة المشهورة، وقد وقع في بعض نسخ مسلم: "النون" -بالنون- يعني به: الحوت، وكذا جاء في كتاب ثابت، وفي رواية أخرى: "البحور" مكان "النور"، قال القرطبيّ: وهذه الرواية ليست بشيء؛ لأنَّ الأرض خُلقت بعد الماء، وعلى الماء، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧]؛ أي: قبل خلق السماوات والأرض، إلا إن أراد بالبحور: الأنهار التي خَلق الله تعالى في الأرض، فله


(١) "النهابة في غريب الأثر" ٤/ ١٦٩.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢١٧.
(٣) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٣٤.
(٤) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٣٩٤.