للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُرف أنها غلط، مثل قول أبي سفيان لمّا أسلم: أريد أن أزوجك أم حبيبة، ولا خلاف بين الناس أنه تزوجها قبل إسلام أبي سفيان، ولكن هذا قليل جدًا، ومثل ما رُوي في بعض طرق حديث صلاة الكسوف أنه صلاها بثلاث ركوعات وأربع، والصواب أنه لم يصلّها إلا مرة واحدة بركوعين؛ ولهذا لم يخرج البخاري إلا هذا، وكذلك الشافعيّ، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وغيرهما، والبخاريّ سَلِم من مثل هذا؛ فإنه إذا وقع في بعض الروايات غلط ذَكر الروايات المحفوظة التي تبيّن غلط الغالط، فإنه كان أعرف بالحديث وعلله، وأفقه في معانيه من مسلم ونحوه. انتهى (١).

وقال أيضًا فيما نقله عنه القاسميّ في "الفضل المبين": هذا الحديث طَعَن فيه من هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين، ومثل البخاريّ، وغيرهما، وذكر البخاريّ أن هذا من كلام كعب الأحبار، وطائفة اعتبرت صحّته، مثل أبي بكر بن الأنباريّ، وأبي الفرج بن الجوزيّ، وغيرهما، والبيهقيّ وغيره وافقوا الذين ضعّفوه، وهذا هو الصواب؛ لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستّة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد، وهكذا عند أهل الكتاب، وعلى ذلك تدلّ أسماء الايام، وهذا المنقول الثابت في آحاديث وآثار أُخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو خلاف ما أخبر به القرآن، مع أن حذّاق علم الحديث يُبتّون علّة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وأن راويه فلان غلط فيه؛ لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمّى معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيّدًا، ولكن عُرف من طريق آخر أن راويه غَلِطَ، فرفعه، وهو موقوف، أو أسنده، وهو مرسل، أو دخل عليه الحديث في حديث، وهذا فنّ شريف، وكان يحيى بن سعيد القطّان، ثم صاحبه عليّ ابن المدينيّ، ثم البخاريّ من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائيّ، والدارقطنيّ، وغيرهم، وفيه مصنّفات معروفة. انتهى (٢).


(١) "مجموع الفتاوى" لابن تيميّة ١٧/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٢) "الفضل المبين" ص ٤٣٢ - ٤٣٤.