للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويؤيده قوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤)} [الانشقاق: ٣ - ٤].

وأما من ذهب إلى أن التغيير إنما يقع في صفات الأرض دون ذاتها، فمستنَده ما أخرجه الحاكم، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، قال: "إذا كان يوم القيامة مُدّت الأرض مَدّ الأديم، وحُشر الخلائق".

ومن حديث جابر -رضي الله عنه- رفعه: "تُمَدّ الأرض مَدَّ الأديم، ثم لا يكون لابن آدم منها إلا موضع قدميه"، ورجاله ثقات، إلا أنه اختُلف على الزهريّ في صحابيه.

ووقع في تفسير الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} قال: "يزاد فيها، وينقص منها، ويذهب آكامها، وجبالها، وأوديتها، وشجرها، وتُمَدّ مدّ الأديم العكاظيّ" وعزاه الثعلبيّ في "تفسيره" لرواية أبي هريرة، وحكاه البيهقيّ عن أبي منصور الأزهريّ، وهذا وإن كان ظاهره يخالف القول الأول، فيمكن الجمع بأن ذلك كله يقع لأرض الدنيا، لكن أرض الموقف غيرها، ويؤيده ما وقع في الحديث الآتي في الباب التالي أن أرض الدنيا تصير خبزة، والحكمة في ذلك ما تقدّم أنها تُعَدّ لأكل المؤمنين منها في زمان الموقف، ثم تصير نُزُلًا لأهل الجنة.

وأما ما أخرجه الطبريّ من طريق المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "الأرض كلها تأتي يوم القيامة"، فالذي قبله عن ابن مسعود أصحّ سندًا، ولعل المراد بالأرض في هذه الرواية: أرض البحر، فقد أخرج الطبريّ أيضًا من طريق كعب الأحبار، قال: يصير مكان البحر نارًا.

وفي تفسير الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه-: تصير السماوات جِفانًا، ويصير مكان البحر نارًا.

وأخرج البيهقيّ في "البعث" من هذا الوجه في قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤)} [الحاقة: ١٤] قال: يصيران غَبَرَةً في وجوه الكفار.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: ويمكن الجمع بأن بعضها يصير نارًا، وبعضها غُبارًا، وبعضها يصير خبزة.