للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "إذ مر اليهود"، قال في "الفتح": قوله: "إذ مر اليهودُ" كذا فيه "اليهودُ" بالرفع على الفاعلية، وفي بقية الروايات في "العلم"، و"الاعتصام"، و"التوحيد"، وكذا عند مسلم: "إذ مَرّ بنفر من اليهود"، وعند الطبريّ من وجه آخر، عن الأعمش: "إذ مررنا على يهود"، ويُحْمَل هذا الاختلاف على أن الفريقين تلاقَوا، فيصدق أن كلًّا مرّ بالآخر.

وقوله: "يهود" هذا اللفظ معرفة تدخله اللام تارةً، وتارة يتجرد، وحذفوا منه ياء النسبة، ففرَّقوا بين مفرده وجمعه، كما قالوا: زنج، وزنجيّ، قال: ولم أقف في شيء من الطرُق على تسمية أحد من هؤلاء اليهود. انتهى (١).

(فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ)؛ أي: النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأصله: اسألوه، (عَنِ الرُّوحِ، فَقَالُوا: مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا في جميع النسخ: "ما رابكم إليه"؛ أي: ما دعاكم إلى سؤاله، أو ما شكّكم فيه، حتى احتجتم إلى سؤاله، أو ما دعاكم إلى سؤال تخشون سوء عقباه. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "ما رابكم إليه" كذا للأكثر بصيغة الفعل الماضي من الريب، ويقال فيه: رابه كذا، وأرابه كذا، بمعنى، وقال أبو زيد: رابه: إذا عَلم منه الريب، وأرأبه: إذا ظَنّ ذلك به، ولأبي ذرّ عن الحمويّ وحده بهمزة، وضم الموحّدة من الرأب، وهو الإصلاح، يقال فيه: رأب بين القوم: إذا أصلح بينهم، وفي توجيهه هنا بُعْدٌ.

وقال الخطابيّ (٣): الصواب ما أَرَبُكُم، بتقديم الهمزة، وفتحتين، من الأَرَب، وهو الحاجة، وهذا واضح المعنى لو ساعدته الرواية، نعم رأيته في رواية المسعوديّ عن الأعمش، عند الطبريّ كذلك، وذكر ابن التين أن رواية القابسيّ كرواية الحمويّ، لكن بتحتانية بدل الموحّدة من الرأي، والله أعلم. انتهى (٤).

(لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ) وفي رواية البخاريِّ في "العلم": "لا يجيء فيه بشيء تكرهونه"، وفي "الاعتصام": "لا يسمعكم ما تكرهون"، وهي


(١) "الفتح" ١٠/ ٣٠٣ - ٣٠٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٣٧.
(٣) "الأعلام" ٣/ ١٨٧٣.
(٤) "الفتح" ١٠/ ٣٠٤.