للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي هذا التعليل دليل على ضعف قول من قال: إن العذاب الأدنى هو عذاب القبر. انتهى (١).

وقال إمام المفسّرين ابن جرير الطبريّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اختَلَف أهل التأويل في معنى العذاب الأدنى الذي وعد الله أن يذيقه هؤلاء الفسقة، فقال بعضهم: ذلك مصائب الدنيا في الأنفس والأموال، ثم ذكر الأقوال.

ثم قال: وأَولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكرُهُ، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل، والجوع، والشدائد، والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.

وقوله: {دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} يقول: قبل العذاب الأكبر، وذلك عذاب يوم القيامة. انتهى كلام ابن جرير -رَحِمَهُ اللهُ- (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٧٠٤٤] (٢٧٩٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ١٢٨)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (٢/ ٥٨)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٤/ ٤٧٤)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (٧/ ١٥٥)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "فتح القدير" للشوكانيّ ٦/ ٩.
(٢) "تفسير الطبريّ" ٢٠/ ١٨٨ - ١٩١.