للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَنَّ رَجُلًا) لم يُعرف اسمه، (قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ) بالبناء للمجهول، (الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟) هو إشارة إلى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء: ٩٧] (١).

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "قال: يا نبي الله يُحشر الكافر على وجهه" بإسقاط لفظة: "كيف"، فقال في "الفتح": كأنه استفهام حُذف أداته، ووقع في عدة نسخ: "كيف يُحشر"، وكذا هو عند مسلم وغيره.

والكافر اسم جنس يشمل الجميع، ويؤيده قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} الآية [الفرقان: ٣٤]، وقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا} الآية، وفي رواية الحاكم من وجه آخر عن أنس -رضي الله عنه-: "سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحشر أهل النار على وجوههم"، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البزار: "يحشر الناس على ثلاثة أصناف: صنف على الدوابّ، وصنف على أقدامهم، وصنف على وجوههم، فقيل: فكيف يمشون على وجوههم … " الحديث.

ويؤخذ من مجموع الأحاديث أن المقربين يُحشرون ركبانًا، ومَن دونهم من المسلمين على أقدامهم، وأما الكفار فيُحشرون على وجوههم (٢).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- مجيبًا على هذا السؤال: ("أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ) بضمّ أوله من الإمشاء، (عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ") هذا ظاهر في أن المراد بالمشي حقيقته، فلذلك استغربوه حتى سألوا عن كيفيته، وزعم بعض المفسرين أنه مَثَلٌ، وأنه كقوله: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا} [الملك: ٢٢] قال مجاهد: هذا مَثَلُ المؤمن والكافر، قال الحافظ: ولا يلزم من تفسير مجاهد لهذه الآية بهذا أن يفسّر به الآية الأخرى، فالجواب الصادر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ظاهر في تقرير المشي على حقيقته. انتهى (٣).

(قَالَ قَتَادَةُ) بن دعامة، وهو موصول بالسند المذكور: (بَلَى)؛ أي: هو


(١) "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ" ٣٣/ ٣٢٦.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٤٥٠.
(٣) "الفتح" ١٥/ ٢٩، "كتاب الرقاق" رقم (٦٥٢٣).