وقوله: (لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا")؛ أي: لا يتناثر، ولا يتساقط.
وقوله:(قَالَ إِبْرَاهِيمُ) هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوريّ الفقيه، تلميذ مسلم. (لَعَلَّ مُسْلِمًا قَالَ: وَتُؤْتِي أُكُلَهَا، وَكَذَا وَجَدْتُ عِنْدَ غَيْرِي أَيْضًا: وَلَا تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ) معنى كلامه هذا: أنه وقع في روايته، ورواية غيره أيضًا من مسلم: قوله: "لا يتحاتّ ورقها، ولا تؤتي أكلها كلّ حين"، فاستشكل إبراهيم بن سفيان من هذا قوله: "ولا تؤتي أكلها" خلاف باقي الروايات، فإنها تفيد أن النصّ: "تؤتي أكلها" بدون لفظة "لا"، وهو المعنى الصحيح، فقال إبراهيم: لعل مسلمًا رواه: "وتؤتي" بإسقاط "لا"، وأكون أنا وغيري ممن رواه عن مسلم غَلِطنا في إثبات "لا".
قال القاضي عياض، وغيره من الأئمة: وليس هو بغلط، كما توهّمه إبراهيم، بل الذي في مسلم صحيح بإثبات "لا"، وكذا رواه البخاريّ بإثبات "لا"، ووجهه: أن لفظة "لا" ليست متعلقة بـ "تؤتي"، بل متعلقة بمحذوف، تقديره: لا يتحات ورقها، ولا، مكررًا؛ أي: ولا يصيبها كذا، ولا كذا، لكن لم يذكر الراوي تلك الأشياء المعطوفة، ثم ابتدأ، فقال: "تؤتي أكلها كلَّ حين"، هذا كلام النوويّ رحمه اللهُ (١) مع الزيادة للإيضاح.
وعبارة الحافظ في "الفتح": ووقع عند البخاريّ في "التفسير" من طريق نافع، عن ابن عمر: "قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أخبروني بشجرة كالرجل المسلم، لا يتحاتّ ورقها، ولا، ولا، ولا" كذا ذكر النفي ثلاث مرات على طريق الاكتفاء، فقيل في تفسيره: ولا ينقطع ثمرها، ولا يُعدَم فيؤها، ولا يبطل نفعها.
قال: ووقع في رواية مسلم ذِكر النفي مرّة واحدةً، فظن إبراهيم بن سفيان الراوي عنه أنه متعلّق بما بعده، وهو قوله: "تؤتي أكلها"، فاستشكله، وقال: لعل "لا" زائدة، ولعله: وتؤتي أكلها، وليس كما ظنّ، بل معمول النفي محذوف على سبيل الاكتفاء، كما بيّناه، وقوله: "تؤتي" ابتداء كلام على سبيل التفسير لِمَا تقدّم، ووقع عند الإسماعيليّ بتقديم "تؤتي أكلها كلّ حين" على