إنسان أيضًا شيطان؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("نَعَمْ") مع كلّ إنسان شيطانه. (قُلْتُ: وَمَعَكَ)؛ أي: ومعك أيضًا شيطان؟ (يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("نَعَمْ) معي شيطان، (وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ)؛ أي: بالعصمة، حيث قال:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: ٤٢] (حَتَّى أَسْلَمَ") مضارع مسنَد إلى المتكلم؛ أي: أسلم أنا من وسوسته، أو هو ماض، والضمير للشيطان؛ أي: أسلم الشيطان، وانقاد للإسلام، فلا يتعرض لي بالأذى، وقد تقدّم اختلاف العلماء في "أسلم" هذا، وترجيح كونه من الإسلام في الحديث الماضي، فلا تغفل، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٩/ ٧٠٨٤](٢٨١٥)، و (النسائيّ) في "المجتبى"(٣٤١١) وفي "الكبرى"(٨٩٠٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ١١٥)، و (الطحاويّ) في "مشكل الآثار"(١١١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ١١٦) وفي "الدلائل"(٧/ ١٠٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان غيرة النساء، وأنها لا تضرّ بها، إلا إذا تعدّت الحدود بسببها.
٢ - (ومنها): أن الغيرة سببها إغراء الشيطان، وتسلّطه على المرأة، وحَمْله لها على أن تتخيّل غير الواقع واقعًا، فتعادي بسببه زوجها، أو ضرّتها.
٣ - (ومنها): كرامة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ربّه، وعنايته به، حيث سلّمه من أذى الشيطان، فلا يأمره إلا بخير.
٤ - (ومنها): شدّة تسلّط الشياطين على عموم بني آدم، طالحيهم، وصالحيهم، فلا ينجو عنهم إلا من توكّل على الله تعالى، فيحفظه من كيدهم، كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)} [النحل: ٩٩]، والله تعالى أعلم.