رضا الله -سبحانه وتعالى-، وكل شيء سواه، وإن اختلفت أنواعه فهو من أثره.
٧ - (ومنها): أن فيه دليلًا على رضا كل أهل الجنة بحاله، مع اختلاف منازلهم، وتنويع درجاتهم؛ لأن الكل أجابوا بلفظ واحد، وهو: أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من خلقك، وبالله التوفيق.
٨ - (ومنها): ما قاله الحافظ -رحمه الله-: حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- هذا كأنه مختصر من الحديث الطويل الماضي في "تفسير سورة النساء" من طريق حفص بن ميسرة، والآتي في "التوحيد" من طريق سعيد بن أبي هلال كلاهما عن زيد بن أسلم بهذا السند، في صفة الجواز على الصراط، وفيه قصة الذين يخرجون من النار، وفي آخره أنه يقال لهم نحو هذا الكلام، لكن إذا ثبت أن ذلك يقال لهؤلاء؛ لكونهم من أهل الجنة، فهو للسابقين بطريق الأَولى.
٩ - (ومنها): ما قاله أيضًا: هذا الخطاب غير الخطاب الذي لأهل الجنة كلهم، وهو فيما أخرجه مسلم، وأحمد، من حديث صهيب -رضي الله عنه- رفعه:"إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم موعدًا عند الله، يريد أن ينجزكموه. . ." الحديث، وفيه:"فيكشف الحجاب، فينظرون إليه -وفيه- فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم من النظر إليه". وله شاهد عند ابن المبارك في "الزهد" من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- من قوله، وأخرجه ابن أبي حاتم من حديثه مرفوعًا باختصار. انتهى (١).
١٠ - (ومنها): ما قاله ابن بطال -رحمه الله-: استَشكل بعضهم هذا الحديث؛ لأنه يوهم أن له أن يسخط على أهل الجنة، وهو خلاف ظواهر القرآن؛ كقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[البيّنة: ٨]، {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام: ٨٢].
وأجاب بأن إخراج العباد من العدم إلى الوجود من تفضله، وإحسانه، وكذلك تنجيز ما وعدهم به من الجنة، والنعيم من تفضله وإحسانه، وأما دوام ذلك فزيادة من فضله على المجازاة لو كانت لازمةً، ومعاذ الله أن يجب عليه شيء، فلما كانت المجازاة لا تزيد في العادة على المدة، ومدة الدنيا متناهية،