للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فِي الأُفُقِ) بضمتين: الناحية من الأرض، ومن السماء، والجمع آفاقٌ، والنسبة إليه أفُقيٌّ ردًّا إلى الواحد، وربما قيل: أَفَقِيٌّ بفتحتين؛ تخفيفًا على غير قياس، حكاهما ابن السّكّيتِ وغيره، قاله الفيّوميّ (١)، وقوله: (الشَّرْقِيِّ) بالجرّ صفة لـ"الأفق"، وقوله: (أَوِ الْغَرْبِيِّ) "أو" هنا للتنويع، لا للشكّ.

وقد استشكل ابن التين هذا، وقال: إنما تغور الكواكب في المغرب خاصّة، فكيف وقع ذكر المشرق، وهذا مشكل على رواية "الغاير" بالتحتانية، كما هو في "الموطّأ"، وأما بالموحّدة، كما هنا فالغابر يُطلق على الماضي، والباقي، فلا إشكال، ذكره في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: قوله: "إن أهل الجنة ليتراءون إلخ"؛ يعني: أن أهل السفل من الجنة ينظرون إلى من فوقهم، على تفاوت منازلهم، كما ينظر مَن على الأرض دراريّ السماء، على تفاوت منازلها، فيقال: هذا منزل فلان، كما يقال: هذا المشتري مثلًا، أو الزهرة، أو الْمِرِّيخ، وقد بَيَّن ذلك بقوله: لِتفاوت ما بينهما، وسمّي الكوكب دُرّيًّا؛ لبياضه، وصفائه، وقيل: لأنه شُبّه بالدرّ في صفائه. انتهى (٣).

[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه ما نصّه: "قال أبي: فحدثت به النعمان بن أبي عياش، فقال: أشهد لسمعت أبا سعيد يحدِّث، ويزيد فيه: كما تراءون الكوكب الغارب في الأفق الشرقيّ، والغربيّ".

وقوله: "قال أبي" القائل هو عبد العزيز، وقوله: "أشهد لسمعت" اللام جواب قسم محذوف، وأبو سعيد هو الخدريّ، وقوله: "يحدّث" وفي رواية الكشميهنيّ: "يحدثه"؛ أي: يحدث الحديث، يقال: حدثت كذا، وحدثت بكذا.

وقوله: "الغارب" في رواية الكشميهنيّ: "الغابر" بتقديم الموحّدة على الراء، وضبطه بعضهم بتحتانية مهموزة قبل الراء، قال الطيبيّ: شبّه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المضيء النائي في جانب


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٦ - ١٧.
(٢) "الفتح" ٧/ ٥٤٨.
(٣) "المفهم" ٧/ ١٧٥.