[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من سُداسيّات المصنّف -رحمه الله-، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، غير شيخه، فبغداديّ، والصحابيّ فمدنيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- رأس المكثرين السبعة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أنه (قَالَ:"مَنْ) موصولة مبتدأ خبرها "ينعم"؛ أي: الذي (يَدْخُل الْجَنَّةَ يَنْعَمُ) بفتح المثناة التحتية، والعين؛ أي: يصيب نعمة، أو يدوم نعيمه، ويَحْتَمل أن تكون "من" شرطيّة، ويجزم الفعلان بعدها بها. (لَا يَبْأَسُ) بسكون الموحّدة، فهمزة مفتوحة؛ أي: لا يفقر، ولا يهتم، قال الطيبيّ -رحمه الله-: هو تأكيد لقوله: "ينعم"، ووقع في "المشكاة" بلفظ: "ولا يبأس" بالواو، فقال الطيبيّ: الأصل أن لا يجاء بالواو، لكن أراد به التقرير على الطرد والعكس؛ كقوله تعالى:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: ٦]. (لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ) هكذا في النُّسخ بلا واو أيضًا، وهو بفتح حرف المضارعة، واللام؛ أي: لا تَخلق ثيابه التي يلبسها؛ لأنها غير مركبة من العناصر. (وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ")؛ أي: لا يذهب شبابه، قال القاضي -رحمه اللهُ-: معناه: أن الجنة دار الثبات والقرار، وأن التغيير لا يتطوق إليها، فلا يشوب نعيمها بؤس، ولا يعتريه فساد، ولا تغير، فإنها ليست دار الأضداد، ومحل الكون والفساد (١).
وهذا الحديث صريح في أن الجنة أبديّة، لا تفنى، والنار مثلها، وزعم جهم بن صفوان أنهما فانيتان؛ لأنهما حادثتان، ولم يتابعه أحد من أهل