للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ) أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أنه (قَالَ: "إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً) بفتح لام التوكيد؛ أي: بيتًا شريف المقدار، عالي المنار، وأصل الخيمة بيت تبنيه العرب من عِيدان الشجر، وهذه الخيمة هي المراد بقوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢)} [الرحمن: ٧٢]، قال ابن القيم -رحمه الله-: وهذه الخيام غير الغرف والقصور، بل هي خيام في البساتين، وعلى شط الأنهار.

(مِنْ لُؤْلُؤَةٍ) بهمزتين، وبحذفهما، وبإثبات الأُولى لا الثانية، وعكسه، واللؤلؤ معروف، وقوله: (وَاحِدَةٍ، مُجَوَّفَةٍ)؛ أي: واسعة الجوف، قال القاضي عياض: وفي رواية السمرقنديّ: "مجوبة" بالباء، وهي المثقوبة، وهي بمعنى المجوّفة. (طُولُهَا)؛ أي: ارتفاعها في السماء (سِتُّونَ مِيلًا) قال الفيّوميّ -رحمه اللهُ-: المِيلُ بالكسر عند العرب: مقدار مَدَى البصرِ (١) من الأرض، قاله الأزهريّ، وعند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع، وعند الْمُحْدَثِين أربعة آلاف ذراع، والخلاف لفظيّ؛ لأنهم اتفقوا على أن مقداره ست وتسعون ألف إصبع، والإصبع ست شُعَيرات، بطن كلّ واحدة إلى الأخرى، ولكن القدماء يقولون: الذراع اثنتان وثلاثون إصبعًا، والْمُحْدَثون يقولون: أربع وعشرون إصبعًا، فإذا قُسم الميل على رأي القدماء كلّ ذراع اثنين وثلاثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع، وإن قُسم على رأي الْمُحْدَثين أربعًا وعشرين كان المتحصل أربعة آلاف ذراع، والفَرْسَخُ عند الكلّ ثلاثة أميال، وإذا قُدّر المِيلُ بالْغَلَوات، وكانت كلّ غَلْوة أربعمائة ذراع، كان ثلاثين غَلْوة، وإن كان كلّ غلوة مائتي ذراع كان ستين غلوة، ويقال للأعلام المبنية في طريق مكة: أميال؛ لأنها بُنيت على مقادير مَدَى البصر من الميل إلى الميل، وإنما أضيف إلى بني هاشم، فقيل: المِيلُ الهَاشِمِيُّ؛ لأن بني هاشم حدَّدوه، وأعلموه. انتهى (٢).


(١) الميل بالمقاييس المعاصرة (١٨٤٨) مترًا، والفرسخ (٥، ٥٤٤) كيلو مترًا، والبريد (٢٢، ١٧٦) كيلو مترًا، راجع: "الإيضاحات العصريّة" ص ٧٢ - ٧٣.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٨٨.