للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ("وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ" - قَالَ حَمَّادٌ)؛ أي: ابن زيد، (وَذَكَرَ)؛ أي: النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو أبو هريرة، (مِنْ نَتْنِهَا) قال المجد -رحمه الله-: النَّتْنُ: ضدّ الفَوْح، نَتُن، ككرُم، وضَرَبَ نتانةً، وأنتن، فهو منتنٌ، ومِنتنٌ، بكسرتين، وبضمّتين، وكَقِنديل. انتهى (١).

(وَذَكَرَ)؛ أي: مع النتن، (لَعْنًا)؛ أي: لعنة الله له، (وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ) من الملائكة وغيرهم، (رُوحٌ خَبِيثَةٌ) خبر لمحذوف، أو مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: هذه (جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ، قَالَ) أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ("فَيُقَالُ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: ذكر هنا "فيقال"، وفيما سبق "ثم يقول" مراعاة لحسن الأدب، حيث نسب الرحمة إلى الله تعالى، والغضب لم يُنسب إليه، كما قوله تعالى: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]. (انْطَلِقُوا بِه إِلَى آخِرِ الأَجَلِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) هذا صريح في كون الحديث مرفوعًا، كما أشرت إليه سابقًا. (فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَيْطَةً) بفتح الراء، وإسكان التحتانيّة: كلّ مُلاءة ليست لَفقتين، وقيل: كلّ ثوب رقيق ليّن، والجمع رِيَط، ورِياط؛ أي: ردّ -صلى الله عليه وسلم- طرف ريطة (كَانَتْ عَلَيْهِ)؛ أي: على بدنه بمعنى أنه لابِسها، (عَلَى أَنْفِهِ) متعلّق بـ "ردّ".

وقال النوويّ: الريطة بفتح الراء، وإسكان الياء: هو ثوب رقيق، وقيل: هي الملاءة، وكان سبب ردّها على الأنف بسبب ما ذَكَر من نتن ريح رُوح الكافر. انتهى (٢).

وقوله: (هَكَذَا) تفسير من أبي هريرة لكيفيّة الردّ؛ أي: ردّ -صلى الله عليه وسلم- كردّي هذا، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- وضع ثوبه على أنفه، بكيفية خاصة صدرت منه في تلك الحال.

قال الطيبيّ -رحمه الله-: إنَّما ردّ -صلى الله عليه وسلم- الريطة على أنفه لَمّا كُشف له، وشمّ من نتن ريح روح الكافر، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- غطى رأسه حين مرّ بالحِجْر لما شاهد من عذاب أهلها. انتهى (٣).


(١) "القاموس المحيط" ص ١٢٦٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ٢٠٥.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٣٧٨.